جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۖ وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ بِهِۦٓ أَذٗى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡيَةٞ مِّن صِيَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكٖۚ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۚ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (196)

{ وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ } : بمناسكهما وحدودهما وسننهما ، أو بأن تحرم من دويرة أهلك ، أو بأن تخرج لهما لا لغرض {[336]} آخر من تجارة وغيرها ، أو بأن تكون النفقة حلالا ، { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } : منعتم والمراد حصر العدو ، أو أعم كالمرض فيه خلاف ، { فَمَا اسْتَيْسَرَ } ، أي : فعليكم ما تيسر ، { مِنَ الْهَدْيِ } ، يعني من أحصر وأراد التحلل تحلل بذبح هدى من بدنة أو بقرة أو شاة ، { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ } حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } ، أي : أنتم محرمون حتى يصل هديكم محلا يحل ذبحه فيه وهو مكان الحبس {[337]} وعليه الشافعي ، أو حتى تعلموا أن الهدي المبعوث إلى الحرم بلغ الحرم وذبح وعليه الحنفي ، { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً } : مرضا يحتاج إلى الحلق ، { أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ } ، كجراحة وقمل ، { فَفِدْيَةٌ } : فعليه فدية إن حلق ، { مِّن صِيَامٍ } : ثلاثة أيام ، { أَوْ صَدَقَةٍ } ، ثلاثة آصاع على ستة مساكين ، { أَوْ نُسُكٍ } ، ذبح شاة ، وهو مخير في الثلاثة ، { فَإِذَا أَمِنتُمْ } ، العدو ، أو كنتم في حال أمن ، أي : إذا تمكنتم من أداء المناسك ، { فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ } ، أي : استمتع بالتقرب إلى الله تعالى بالعمرة في أشهر الحج إلى أن وصل الحج فحج ، أي : من اعتمر أشهر الحج وأحل ثم حج في تلك السنة ، { فَمَا اسْتَيْسَرَ } ، أي : فعليه ما استيسر ، { مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ } ، أي : الهدى ، { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ } : في أيام الاشتغال به ، أي : بعد الإحرام وقبل التحلل ، أو في أشهر بين الإحرامين ، { وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ {[338]} } : إلى أهلكيم ، لا قبل الوصول ، أو المراد من الرجوع الفراغ من الحج ، { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } ، فائدتها العلم بأن الواو لا بمعنى أو ، والمراد العدد المعين لا الكثرة ، { ذَلِكَ } ، أي : هذا الحكم ، { لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } ، هم أهل الحرم ، أو أهل مكة ، أو من كان وطنه من مكة دون مسافة القصر أو من دون الميقات ، { وَاتَّقُواْ اللّهَ } ، أي : مخالفته ، { وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } : لمن لم يتقه .


[336]:هذا قول سفيان الثوري/12 منه
[337]:ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ذبحوا هديهم في الحديبية وحلقوا رءوسهم، والحديبية خارجة من الحرم كما صرح به البخاري، ولا يلتفت إلى قول غر ثابت عن بعض من السلف، كيف وقد صرح عن جماهير من السلف أنها ليست من الحرم؟/12 منه
[338]:حكى أبو جعفر بن جرير على أن المراد من الرجوع، الرجوع إلى وطنه/منه