اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (30)

قوله تعالى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً } أي أخلص دينك لله قال سعيد بن جبير : وإقامة الوجه إقامة الدين . وقال غيره : سَدِّدُ عملَكَ . والوجه ما يتوجه إليه ، وقيل : أقبل بكُلِّكَ على{[42029]} الدين . عبر عن الذات بالوجه كقوله تعالى : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [ القصص : 88 ] أي ذاته بصفاته .

قوله : «حَنِيفاً » حال من فاعل «أقم » أو من مفعوله ، أو من «الدِّين »{[42030]} ومعنى حنيفاً مائلاً إليه مستقيماً عليه{[42031]} ، ومِلْ عن كل شيء لا يكون في قلبك شيء آخر ، وهذا قريب من معنى قوله : { وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المشركين } .

قوله : «فِطْرَةَ اللَّهِ » فيه وجهان :

أحدهما : أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة كقوله : { صِبْغَةَ الله } [ البقرة : 138 ] و { صُنْعَ الله } [ النمل : 88 ] .


[42029]:انظر: الطبري 21/26.
[42030]:الكشاف 3/222، والبحر المحيط 7/171، والدر المصون 4/332.
[42031]:القرطبي 14/24.