قوله : «أسْبَابَ السَّمَواتِ » ، فيه وجهان :
أحدهما : أنه تابع «للأسباب » قبله ، بدلاً أو عطف بيان .
والثاني : أنه منصوب{[48225]} بإضمار أعني . والأول أولى{[48226]} ؛ إذ الأصْلُ عدمُ الإضمار .
قوله : «فَأَطَّلِعَ » العامة على رفعه عطفاً على أبلغ فهو داخل في حيز الترجي ؛ وقرأ حفص في آخرين بنصبه{[48227]} وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه جواب الأمر في قوله «ابن لي » فنصب بأن مضمرة بعد الفاء في جوابه على قاعدة البصريين كقوله :
4340 يا نَاقُ سِيرِي عَنَقاً فَسِيحا *** إلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا{[48228]}
الثاني : أنه منصوب ، قال أبو حيان : عطفاً على التوهم ؛ لأن خبر «لعل » جاء مقروناً «بأن » كثيراً في النظم ، وقليلاً في النثر ، فمن نصب توهم أن الفعل المضارع الواقع خبراً منصوب «بأن » والعطف على التوهم كثير وإن كان لا ينقاس{[48229]} .
الثالث : أن ينتصب على جواب الترجي في لعل ، وهو مذهب كوفي استشهد أصحابه بهذه القراءة وبقراءة نافع { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يزكى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذكرى } [ عبس : 34 ] بنصب «فتنفعه » جواباً ل «لعله » . وإلى هذا نحا الزمخشري ، قال : «تشبيهاً للترجي بالتمني »{[48230]} . والبصريون يأبون ذلك ويخرجون القراءتين على ما تقدم .
وفي سورة عبس{[48231]} يجوز أن يكون جواباً للاستفهام في قوله : «وَمَا يُدْرِيكَ » فإنه مترتبٌ عليه معنًى . وقال ابن عطية وابن جبارة الهذلي على جواب التمني{[48232]} ، وفيه نظر ؛ إذ ليس في اللفظ تمن ، إنما فيه ترجٍّ ، وقد فرق الناس بين التَّمنِّي والتَّرجِّي ، بأن الترجي لا يكون إلا في الممكن عكس التمني فإنه يكون فيه وفي المستحيل كقوله :
4341 لَيْتَ الشَّبابَ هُوَ الرَّجِيعُ عَلَى الفَتَى *** والشَّيْبُ كَانَ هَوَ البَدِيءَ الأَوَّلُ{[48233]}
قوله : { وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ } ، قرئ : «زَيَّنَ » مبنياً للفاعل{[48234]} ، وهو الشيطان ، وتقدم الخلاف في «صد عن السبيل » في الرعد{[48235]} ، فمن بناه للفاعل حذف المفعول أي صد قومه عن السبيل ، ( وهو{[48236]} الإيمان ) . قالوا : ومِنْ صَدِّه قوله : { فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } [ طه : 71 ] ، ويدل على ذلك قوله تعالى : { الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله } [ محمد : 1 ] وقوله : { هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام } [ الفتنح : 25 ] وابن وثاب : «وصِدَّ » بكسر الصاد{[48237]} ، كأنه نقل حركة الدال الأولى إلى فاء الكلمة بعد توهم سلب حركتها ، وقد تقدم ذلك في نحو : ردَّ{[48238]} ، وأنه يجوز فيه ثلاث لغات الجائزة في قِيلَ وبِيعَ ، وابن إسحاق وعبد الرحمن بن أبي بكرة : وَصَدٌّ{[48239]} بفتح الصاد ، ورفع الدال منونة جعله مصدراً منسوقاً{[48240]} على «سُوءُ عَمَلِهِ » ، أي زين له الشيطان سُوءَ العَمَلِ والصَّدَّ ، { وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ } أي وما كيده في إبطال ما جاء به موسى إلا في خسارة وَهلاَكٍ . والتَّبَابُ الخِسَارة ، وعقد تقدم في قَوْلِهِ «غَيْرَ تَتْبِيبٍ »{[48241]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.