ثم ذكر حالهم عند عرض النار . قوله : «يُعْرَضُونَ » حال ، لأن الرؤية بصرية ، و«خَاشِعِينَ » حال والضمير في «عَلَيْهَا » يعود على النار لدلالة العذاب عليها .
وقرأ طلحة : من الذِّلِّ بكسر{[49480]} الذال وقد تقدم الفرق بين الذَّل والذِّل{[49481]} و«مِنْ الذُّلِّ » يتعلق بخاشعين ِأي من أجل . وقيل : هو متعلق بينظرون{[49482]} . وقوله : «مِنْ طَرَفٍ » يجوز في «مِنْ » أن تكون لابتداء{[49483]} الغاية ، وأن تكون{[49484]} تبعيضية وأن تكون بمعنى الباء{[49485]} ، والظرف قيل : يراد به العضو وقيل : يراد به المصدر يقال : طرفت عينه تطرف طرفاً أي ينظرون نظراً خفيًّا{[49486]} .
اعلم أنه ذكر حالهم عند عرضهم على النار ، فقال : خاشعين أي خاضعين حقيرين بسبب ما لحقهم من الذل يسارقون النظر إلى النار خوفاً منها وذلة في أنفسهم ، كما ينظر المقتول إلى السيف فلا يقدر أن يملأ عينيه منه ، ولا يفتح عينه إنما ينظر ببعضها ، وإذا كانت من بمعنى الباء أي بطرف خفي ضعيف من الذل .
فإن قيل : إنه قال في صفة الكفار : إنهم يحشرون عمياً فكيف قال هاهنا إنهم ينظرون من طرفٍ خفي ؟ ! فالجواب : لعلهم يكونون في الابتداء هاهنا{[49487]} ثم يصيرون عمياً ، أو لعل هذا في قوم وذاك في قوم آخرين . وقيل : معنى ينظرون من طرفٍ خفيٍّ أي ينظرون إلى النار بقلوبهم لأنهم يحشرون عمياً والنظر بالقلب خفيّ .
ولما وصف الله تعالى حال الكفار حكى ما يقوله المؤمنون فيهم فقال : { وَقَالَ الذين آمنوا إِنَّ الخاسرين الذين خسروا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة } وقيل : خسروا أنفسهم بأن صاروا إلى النار وأهليهم بأن صاروا لغيرهم إلى الجنة . وهذا القول يحتمل أن يكون واقعاً في الدنيا ، وإما أن يقولوه يوم القيامة إذا رأوهم على تلك الصفة ، ثم قال : { أَلاَ إِنَّ الظالمين فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } أي دائم . قال القاضي : هذا يدل على أن الكافر والفاسق يدوم عذابهما والجواب : أنّ لفظ الظالم المطلق في القرآن مخصوص بالكافر قال تعالى : { والكافرون هُمُ الظالمون } [ البقرة : 254 ]
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.