اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَيَحۡسَبُ أَن لَّمۡ يَرَهُۥٓ أَحَدٌ} (7)

قوله : { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } ، أي : أيظن أن لم يعاينه أحد ، بل علم الله ذلك منه ، فكان كاذباً ، في قوله : أهلكت ، ولم يكن أنفقه . وقال : أيظن أن لم يره ، ولا يسأله عن ماله من أين اكتسبه وأين أنفقه .

وقال ابنُ عبَّاسٍ : كان أبو الأشدين يقول : أنفقت في عداوة محمد مالاً كثيراً ، وهو في ذلك كاذب{[60223]} .

وقال مقاتلٌ : نزلت في الحارثِ بنِ عامرٍ بنِ نوفل ، أذنب ، فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يكفر ، فقال : لقد ذهب مالي في الكفَّارات ، والنفقات ، منذ دخلت في دين محمد . وهذا القول منه ، يحتمل أن يكون استطالة بما أنفق ، فيكون طغياناً منه ، أو أسفاً منه ، فيكون ندماً منه{[60224]} .

قال القرطبيُّ{[60225]} : «وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقرأ : «أيَحْسُبُ » ، بضم السين ، في الموضعين » .

وقال الحسنُ : يقول : أتلفت مالاً كثيراً فمن يحاسبني به ، دعني أحسبه ، ألم يعلم أن الله قادر على محاسبته ، وأن الله - عزَّ وجلَّ- يرى صنيعه .


[60223]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/43).
[60224]:ينظر البغوي (4/488).
[60225]:ينظر الجامع لأحكام القرآن (20/43).