تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

{ يؤمنون } يصدقون أو يخشون الغيب ، أصل الإيمان التصديق { وما أنت بمؤمن لنا } [ يوسف : 17 ] أو الأمان ، فالمؤمن يؤمن نفسه بإيمانه من العذاب ، والله تعالى مؤمن لأوليائه من عذابه ، أو الطمأنينة ، فالمصدق بالخبر مطمئن إليه ، ويطلق الإيمان على اجتناب الكبائر ، وعلى كل خصلة من الفرائض ، وعلى كل طاعة . { بالغيب } بالله ، أو ما جاء من عند الله ، أو القرآن ، أو البعث والجنة والنار ، أو الوحي . { ويقيمون } يديمون ، كل شيء راتب قائم ، وفاعله يقيم ، ومنه فلان يقيم أرزاق الجند ، أو يعبدون الله بها ، إقامتها : أداؤها بفروضها ، أو إتمام ركوعها وسجودها وتلاوتها وخشوعها " ع " ، سُمي ذلك إقامة لها من تقويم الشيء ، قام بالأمر أحكمه ، وحافظ عليه ، أو سمى فعلها إقامة لها لاشتمالها على القيام . { رزقناهم } أصل الرزق الحظ ، فكان ما جعله حظاً من عطائه رزقاً . { ينفقون } وأصل الإنفاق الإخراج ، نفقت الدابة خرجت روحها ، والمراد الزكاة " ع " ، أو نفقة الأهل ، أو التطوع بالنفقة فيما يقرب إلى الله تعالى . نزلت هاتان الآيتان في مؤمني العرب خاصة ، واللتان بعدهما في أهل الكتاب " ع " ، أو نزلت الأربع في مؤمني أهل الكتاب ، أو نزلت الأربع في جميع المؤمنين ، فتكون الأربع في المؤمنين ، وآيتان بعدهن في الكافرين ، وثلاث عشرة في المنافقين .