صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} (3)

{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ } يصدقون بما غاب عن حواسهم ، كالصانع وصفاته ، واليوم الآخر وما فيه من البعث والحساب والجزاء . والإيمان لغة : التصديق والإذعان ، وهو إفعال من الأمن ، كأن حقيقة قولهم : آمن به ، آمنة التكذيب والمخالفة . وشرعا : التصديق بما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم ، كالتوحيد والنبوة والمعاد والجزاء . والغيب : مصدر غاب ، أقيم مقام اسم الفاعل هو غائب مبالغة يجعله كأنه هو . وهو الخفي الذي لا يدركه الحس ، ولا يقتضيه بديهة العقل ، وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهم السلام ، ومنه ما لم ينصب عليه دليل ، وهو الذي استأثر الله تعالى بعلمه كالقدر . ومنه ما نصبت عليه الدلائل كوجود الصانع وصفاته . والباء صلة للإيمان لتضمينه معنى الاعتراف .

{ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ } يعدلون اركانها ، ويوفون شرائطها ، ويحفظونها من أن يقع زيغ في أفعالها . من اقام العود إقامة إذا أزال عوجه ، كقومه .

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } ومما أعطيناهم وملكناهم يتصدقون في سبل الخير تطوعا أو فرضا . من الإنفاق ، وهو إخراج المال وإنفاده وصرفه . يقال : نِفَقَ-كفرِح ونصر- نَفِد وفنِىَ أو قلَّ . وانفق ماله أنفده ، والهمزة للتعدية . وأصل المادة يدل على الخروج والذهاب ، ومنه : نافق فلان ، والنافقاء ، والنفق .