تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{الٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية اتفاقاً إلا آية { واتقوا يوما ترجعون فيه } [ 281 ] نزلت يوم النحر بمنى في حجة الوداع .

{ الم } اسم من أسماء القرآن ، كالذكر ، والفرقان ، أو اسم للسورة أو اسم الله الأعظم ، أو اسم من أسماء الله أقسم به ، وجوابه ذلك الكتاب ، أو افتتاح للسورة يفصل به ما قبلها ، لأنه يتقدمها ولا يدخل في أثنائها ، أو هي حروف قطعت من أسماء ، أفعال ، الألف من أنا ، اللام من الله ، الميم من أعلم ، معناه ' أنا الله أعلم ' ، أو هي حروف لكل واحد منها معاني مختلفة ، الألف مفتاح الله ، أو آلاؤه ، واللام مفتاح لطيف ، والميم مجيد أو مجده ، والألف سنة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون سنة ، آجالا ذكرها ، أو هي حروف من حساب الجُمَّل ، لما روى جابر قال : مر أبو ياسر بن أخطب بالنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ { الم } ، فأتى أخاه حيي بن أخطب في نفر من اليهود ، فقال : سمعت محمداً صلى الله عليه وسلم يتلو فيما أنزل عليه { الم } ، قالوا : أنت سمعته قال : نعم ، فمشى حيي في أولئك النفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : يا محمد ، ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل عليك { الم } ، قال : بلى ، فقال : أجاءك بها جبريل - عليه السلام - من عند الله -تعالى- قال : " نعم " ، قالوا : لقد بعث قبلك أنبياء ، ما نعلمه بُين لنبي منهم مدة ملكه ، وأجل أمته غيرك . فقال حيي لمن كان معه : الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى وسبعون سنة ، ثم قال : يا محمد هل كان مع هذا غيره قال : نعم ، قال : ماذا ، قال : { المص } قال : هذه أثقل وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، فهذه إحدى وستون ومائة سنة ، وهل مع هذا غيره قال : نعم فذكر { المر } فقال : هذه أثقل ، وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون والراء مائتان ، فهذه إحدى وسبعون ومئتا سنة ، ثم قال : لقد التبس علينا أمرك ، ما ندري أقليلا أُعطيت أم كثيراً : ثم قاموا عنه . فقال لهم أبو ياسر ؟ ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة ، قالوا : قد التبس علينا أمره . فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم { هو الذي أنزل عليك الكتاب } [ آل عمران : 7 ] أو أعلم الله تعالى العرب لما تحدوا بالقرآن أنه مؤتلف من حروف كلامهم ، ليكون عجزهم عن الإتيان بمثله أبلغ في الحجة عليهم ، أو الألف من الله واللام من جبريل والميم من محمد صلى الله عليه وسلم ، أو افتتح به الكلام كما يفتتح بألا . . . . . . .

أبجد : كلمات أبجد حروف أسماء من أسماء الله -تعالى- مأثور أو هي أسماء الأيام الستة التي خلق الله [ تعالى ] فيها الدنيا أو هي أسماء ملوك مدين قال :

( ألا يا شعيب قد نطقت مقالة *** سببت بها عمرا وحي بني عمرو )

( ملوك بني حطي وهواز منهم *** وسعفص أصل في المكارم والفخر )

( هم صبحوا أهل الحجاز بغارة *** كمثل شعاع الشمس أو مطلع الفجر )

أو أول من وضع الكتاب العربي ستة أنفس ' أبجد ، هوز ، حطي ، كلمن ، سعفص ، قرشت ' ، فوضعوا الكتاب على أسمائهم ، وبقي ستة أحرف لم تدخل في أسمائهم ، وهي : الظاء ، والذال ، والشين ، والغين ، والثاء ، والخاء ، وهي الروادف التي تحسب بعد حساب الجُمّل ، قاله عروة بن الزبير ، ابن عباس : ' أبجد ' أبى آدم الطاعة ، وجد في أكل الشجرة ، ' هوز ' فزل آدم فهوى من السماء إلى الأرض ، ' حطي ' ، فحطت عنه خطيئته ، ' كلمن ' فأكل من

الشجرة ، ومَنّ عليه بالتوبة ' سعفص ' فعصى آدم فأُخرج من النعيم إلى النكد ' قرشت ' فأقر بالذنب ، وسلم من العقوبة .