تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ۩} (24)

{ لقد ظَلَمَكَ } حكم عليه الظلم بعد إقراره . وحذف ذكر الإقرار اكتفاء بفهم السامعين ، أو تقديره إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك { وقليل ما هم } وقليل منهم من يبغي بعضهم على بعض " ع " ، أو قليل من لا يبغي بعضهم على بعض و ' ما ' صلة مؤكدة أو بمعنى الذي تقديره : قليل الذين هم كذلك { وظنّ َداود } علم { فتناه } اختبرناه " ع " ، أو ابتليناه ، أو شددنا عليه في التعبد قال قتادة : قضى نبي الله على نفسه ولم يفطن لذلك فلما تبين له الذنب استغفر { فاستغفر ربه } من ذنبه وهو سماعه من أحد الخصمين وقضاؤه له قبل أن يسمع من الآخر ، أو أشبع نظره من امرأة أو ريا وهي تغتسل حتى علقت بقلبه ، أو نيته أنه إن قُتل بعلها تزوجها وأحسن الخلافة عليها " ح " ، أو ' إغراؤه زوجها ليستشهد ' قال علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - : ' لو سمعت رجلاً يذكر أن داود عليه الصلاة والسلام قارف من تلك المرأة محرماً لجلدته ستين ومائة لأن حد الناس ثمانون وحدود الأنبياء صلوات الله -تعالى- وسلامه عليهم ستون ومائة ' . { راكعا } عَبَّر بالركوع عن السجود مكث ساجداً أربعين يوماً حتى نبت المرعى من دموعه فغطى رأسه ، ثم رفع رأسه وقد تقرح جبينه ومكث حيناً لا يشرب ماء إلا مزجه بدموعه وكان يدعو على الخطائين فلما أصاب الخطيئة كان لا يمر بوادٍ إلا قال : ' اللهم اغفر للخطائين لعلك تغفر لي ولهم ' .