معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ۩} (24)

وقوله : { لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ } : المعنى فيه : بسؤاله نعجتك ، فإذا ألقيت الهاء من السؤال أضفت الفعل إلى النعجة . ومثله قوله { لاَ يَسْأَمُ الإنْسَانُ مِنْ دعَاء الخَيْرِ } ومَعْناهُ من دَعائه بالخير : فلما أَلقى الهاء أضاف الفعْل إلى الخير وألقى من الخير الباء ، كقول الشاعر :

ولَسْتُ مُسَلِّما ما دمتُ حَيّاً *** على زيدٍ بتَسليم الأمِير

إنما معناه : بتسليمي على الأميرِ . ولا يصلح أن تذكر الفاعل بعد المفعول به فيما ألقيْت منه الصفة . فمن قَالَ : عجِبتُ من سؤال نعجتكَ صَاحِبُكَ لم يجز لَهُ أنْ يقول : عجبت مِنْ دعاء الخير الناسُ ، لأنك إِذا أظهرت الآخِر مرفوعاً فإِنما رَفعُه بنيَّةِ أن فَعَل أو أن يفعل ، فلا بُدَّ من ظهور الباء وما أشبَهها من الصّفاتِ . فالقول في ذلكَ أن تقول عَجِبْتُ من دعاء بالخير زَيْدٌ ، وعجبت منْ تسليمٍ على الأمير زيْدٌ . وجَاز في النعجة لأنَّ الفعل يقع عليها بلا صفة ؛ فتقول : سألتكَ نعجة ، ولا تقول : سَالتك بنعجة . فابن على هذا .

وقوله { وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّما فَتَناهُ } أي عِلم . وكلّ ظنٍّ أدخلته على خبرٍ فجائز أنْ تجعلهُ عِلما ؛ إلاّ إنه عِلم 163 ب ما لا يُعَايَن .