ويروى أنَّه لَمَّا قَالَ : { لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ } ، تَبَسّما عند ذلكَ ، وَذَهَبَا ، وَلَمْ يَرَهُما لحِينه ، فَشَعَرَ حينئذ للأمْرِ ، ويروى أنَّهُمَا ذَهَبَا نَحْوَ السَّمَاءِ بِمَرْأًى مِنْه ، و{ الخلطاء } : الشُّرَكَاءِ في الأمْلاَكِ ، والأُمُورِ ، وهذا القَوْلُ مِنْ دَاوُدَ وَعْظٌ لِقَاعِدَةِ حَقٍّ ، ليُحَذِّرَ الخَصْمَ مِنَ الوُقُوعِ في خلافِ الحقِّ .
وقوله تعالى : { إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ } : قال أبو حيان : { وَقَلِيلٌ } خبرٌ مقدَّم ، و{ مَا } زائِدةٌ تُفِيدُ مَعْنَى التَّعْظِيمِ ، انتهى . وَرَوَى ابْنُ المبارَكِ في «رقائقه » بسندِه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أشَدُّ الأعْمَالِ ذِكْرُ اللَّهِ على كُلِّ حَالٍ ، والإنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَمُوَاسَاةُ الأخِ في المالِ " انتهى .
وقوله تعالى : { وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فتناه } معناه : شَعَر لِلأَمْرِ وَعَلِمَهُ ، و{ فتناه } أي : ابْتَلَيْنَاهُ وامْتَحَنَّاهُ ، وقال البخاريُّ : قال ابن عباس : { فتناه } أي : اختَبَرْنَاهُ ، وأسْنَد البخاريُّ عن مجاهدٍ قال : سألتُ ابنَ عباسٍ عَنْ سَجْدَةِ { ص } أين تَسْجُدُ ، فَقَالَ : أَوَ مَا تَقْرَأَ { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وسليمان } إلى قوله : { أُوْلَئِكَ الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده } فَكَانَ داوُد مِمَّن أُمِرَ نَبِيُّكُمْ أنْ يَقْتَدِيَ بهِ ، فَسَجَدَهَا دَاوُدُ ؛ فَسَجَدَهَا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، انتهى . فتأمَّلَهُ وما فيه مَنَ الْفِقْهِ ، وقَرأ أبو عمرٍو في رِوَاية علي بن نَصْرٍ : { فَتَنَاهُ } بتخفيفِ التاء والنون على إسنادِ الفعلِ للخَصْمَيْنِ ، أي : امتحناه عَنْ أَمْرِنَا ، قال أبو سعيدٍ الخُدْرِيُّ : «رأيتُنِي في النوم أكتُبُ سورَة ( ص ) فَلَما بَلَغْتُ قَوْلَهُ : { وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } سَجَدَ القلمُ ، ورَأيتُنِي في مَنامٍ آخَرَ ، وشَجَرَةٌ تَقْرَأُ سُورَةَ ( ص ) فلما بَلَغَتْ هَذَا ، سَجَدَتْ ، وَقَالَتْ : اللَّهُمَّ ، اكْتُبْ لِي بِهَا أجْراً ، وَحُطَّ عَنِّي بِهَا وِزْراً ، وارزقني بِهَا شُكْراً ، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَها مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : وَسَجَدْتَ أنْتَ يَا أَبا سَعِيد ؟ قُلْتُ : لاَ ، قال : أَنْتَ كُنْتَ أَحَقَّ بالسَّجْدَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ ، ثم تَلاَ نبيُّ اللَّهِ الآياتِ حتى بَلَغَ : { وَأَنَابَ } ، فَسَجَدَ ، وقَالَ كَمَا قَالَتِ الشَّجَرَةُ » . { وَأَنَابَ } مَعْنَاهُ : رَجَعَ . ( ت ) : وحديثُ سجودِ الشجرةِ رواهُ الترمذيُّ وابن ماجَه والحاكمُ وابنُ حِبَّان في «صحيحَيْهما » ، وقال الحاكم : هو منْ شَرْطِ الصِّحَّةِ ، انتهى من «السلاح » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.