مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَءَاتَيۡنَٰهُ فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (122)

الصفة الثامنة : قوله : { وآتيناه في الدنيا حسنة } قال قتادة : إن الله حببه إلى كل الخلق فكل أهل الأديان يقرون به ، أما المسلمون واليهود والنصارى فظاهر ، وأما كفار قريش وسائر العرب فلا فخر لهم إلا به ، وتحقيق الكلام أن الله أجاب دعاءه في قوله : { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } وقال آخرون : هو قول المصلي منا كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وقيل : الصدق ، والوفاء والعبادة .

الصفة التاسعة : قوله : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } .

فإن قيل : لم قال : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } ولم يقل : وإنه في الآخرة في أعلى مقامات الصالحين ؟

قلنا : لأنه تعالى حكى عنه أنه قال : { رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين } فقال ههنا : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } تنبيها على أنه تعالى أجاب دعاءه ثم إن كونه من الصالحين لا ينفي أن يكون في أعلى مقامات الصالحين فإن الله تعالى بين ذلك في آية أخرى وهي قوله : { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء } .