التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ءَايَةَ مُلۡكِهِۦٓ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَبَقِيَّةٞ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَٰرُونَ تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (248)

قوله تعالى : ( وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ) لا نذهب في تفسير هذه الآية بعيدا عن الحقيقة لنتجنب في ذلك ما جاء من الأخبار الموهومة والمختلقة كالإسرائيليات . ولا نجاوز في تفسيرنا لمثل هذه الآية حدود الظاهر من النص الكريم دون توغل متكلف أو شطط .

فكل الذي نستطيع تحديده في الآية أن بني إسرائيل طلبوا من نبيهم أن يأتيهم ببرهان على أحقية طالوت في الملك ، فأجابهم الله : ( إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم ) ولا نتكلف الحديث كذلك عن ماهية التابوت وبداية خلقه ومراحل انتقاله في أسباط بني إسرائيل مما يولع بذكره كثير من المفسرين ، وهم يغرقون في الإسرائيليات .

كل الذين نقوله إن هذا التابوت كان علامة صدق نبيهم الذي أعلمهم أن الله باعث لهم ملكا منهم اسمه طالوت ؛ ليكون قائدهم إلى النصر على أعدائهم . وكان التابوت كذلك علامة على أحقية طالوت في الملك ، وأن هذا التابوت ( فيه سكينة من ربكم ) أي طمأنينة ووقار ورحمة ، فكانوا إذا اصطحبوه في الحرب اطمأنوا وأحسوا بالراحة والشجاعة ثم الاندفاع في حرب أعدائهم غير خائفين .

وفي التابوت كذلك ( بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ) يراد بالبقية عصا موسى ورُضاضُ الأولاح أي حطامها وفتاتها ، وبعض الأمتعة لآل موسى وهارون كالثياب وغيرها . كل ذلك تحمله الملائكة في التابوت لتضعه بين يدي طالوت والناس ينظرون .

وقوله : ( إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ) أي إن في إنزال التابوت وما فيه من سكينة وإيذان بالنصر لهو علامة بينة على صدق ما جاءهم به نبيهم وعلى أحقية طالوت في الملك . وذلك برهان صادق مشهور تستيقنه قلوب المؤمنين وعقولهم .