الآية 248 وقوله تعالى : { وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت } كأنهم سألوا نبيهم : ما آية ملكه ؟ [ فقال { نبيهم إن آية ملكه ]{[3120]} أن يأتيكم التابوت تحمله الملائكة } ؛ ذكر في القصة أن التابوت يكون مع الأنبياء إذا حضروا قتالا قدموا التابوت من بين أيديهم إلى عدو ، ويستنصرون به على عدوهم ، { وفيه سكينة } كأنها رأس هرة ، فإذا أن ذلك الرأس سمع التابوت أنين ذلك الرأس ، ودف{[3121]} نحو العدو ، وهم يمضون معه ما مضى ، فإذا استقر ثبتوا خلفه . فلما هربت نبو إسرائيل ، وعصوا الأنبياء ، وسلط الله تعالى عليهم عدوهم ، و[ أخذ منهم ]{[3122]} التابوت [ لما سئموا ، وملوا منه ]{[3123]} ، ثم رد عليهم بعد زمان طويل ، وجعل ذلك آية ملك طالوت ، فلا ندري كيف كانت القصة ؟
ثم اختلف في قوله /45- ب/ { فيه سكينة من ربكم } ؛ قيل : سكينة } ريح هفافة{[3124]} ، فيها صورة كوجه الإنسان ، وقيل : السكينة لها وجه كوجه الهرة ، لها جناحان ، فإذا صوتت عرفوا النصرة ، وقيل : السكينة طشت من ذهب من الجنة [ كان ]{[3125]} يغسل فيه قلوب الأنبياء ، وقيل : { فيه } أي في التابوت { سكينة } أي طمأنينة من ربكم ؛ [ فإذا ]{[3126]} كان التابوت في أي مكان{[3127]} اطمأنوا إليه ، وسكنوا . فلا تدري ما السكينة ؟ سوى أنا عرفنا أن قلوبهم كانت تسكن إليه ، وتطمئن ، فليس لنا إلى معرفة السكينة وكيفيتها حاجة .
وقوله : { وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين } قيل : البقية فيه رضاض الألواح ، وهو كسرها ، وثياب موسى وثياب هارون ، وقيل : عصا موسى وعصا هارون ، وقيل : البقية قفيز من من ، وهو الترنجبين الذي كان يأكله [ بنو ]{[3128]} إسرائيل في أرض التيه ، وقيل : فيه سنة موسى وهارون وعلمهما ، والله أعلم بذلك .
وفي الآية دليل جري الآية على أيدي الأولياء كما أعطى الطالوت آية ملكه ، تشبه آيات الأنبياء حين أخبر أنه كان { تحمله الملائكة } إياه . لكن تلك الآيات في الحاصل تكون للأنبياء يجريها الله تعالى على أيدي الأولياء لا{[3129]} أن يكون للأولياء ذلك . ثم من ادعى من الأولياء بتلك الآيات النبوة لنفسه يعجزه الله تعالى عن ذلك ، ويخرج الآية من أن تصير{[3130]} آية له نحو من أتى المدائن التي لم يبلغ أهلها هذا القرآن ، ولا عرفوه ، ولا سمعوا ذلك من أحد قط ، فجعل يقرأ ذلك عليهم عن ظهر قلبه ، وادعى بذلكم رسالة لنفسه ، أيسع أهل ذلك البلد أن يصدقوه في ما ادعى أم لا ؟ فإن لأصحابنا ، رحمهم الله تعالى ، جوابين{[3131]} :
أحدهما : أن{[3132]} في القرآن ما يظهر به كذب هذا المدعي في دعوته من نحو قوله : { يسألونك } [ البقرة : 189و 215 و 217و 219 و 220 و 222 و المائدة : 4 ، الأعراف : 187 ، الأنفال : 1 ، الإسراء : 85 ، الكهف : 83 ، طه : 105 ، النازعات : 42 ] عن كذا ، ومن نحو الأخبار والحكايات والقصص التي فيها مما لا يحتمل كونها إلا بتقدم أسباب ، فيكذبه ذلك ، فلم يلزمهم تصديقه ، وبالله العصمة .
والثاني : قالوا : إذا ادعى ذلك به يعجزه الله عز وجلا عن تلاوته وإجرائه على لسانه وادعاء ما ادعى بذلك ، وكان هذا أقرب ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.