وأما قولُ النبيِّ لهم : { إِنَّ ءَايَةَ مُلْكِهِ } ، فإِن الطبريَّ ذهب إِلى أن بني إِسرائيل تعنَّتوا ، وقالوا لنبيِّهم : وما آية مُلْكِ طالُوتَ ؟ وذلك على جهة سؤالِ الدَّلالة على صِدْقه في قوله : { إِنَّ اللَّه بَعَثَ } .
قال : ( ع ) ويحتمل أنَّ نبيَّهم قال لهم ذلك على جهة التغليظِ والتنبيه على هذه النعمة الَّتي قرَنَها بمُلْكِ طَالُوت ، دون تكْذيب منْهم لنبيِّهم ، وهذا عندي أظهر من لفظ الآية ، وتأويلُ الطبريِّ أشبهُ بأخلاقِ بني إِسرائيل الذميمةِ ، فإِنَّهم أهل تكذيبٍ وتعنُّتٍ واعوجاج ، وقد حكى الطبريُّ معناه عن ابْنِ عَبَّاس ، وغيره .
واختلف في كيفيَّة إِتيان التابُوتِ ، فقال وهب : لما صار التابوتُ عند القومِ الذين غَلَبُوا بني إِسْرَائيل ، وضَعُوه في كنيسة لهم فيها أصنامٌ ، فكانت الأصنام تُصْبِحُ منكَّسة ، فجعلوه في قرية قَوْمٍ ، فأصاب أولئك القَوْم أوجاعٌ ، فقالُوا : ما هذا إِلاَّ لهذا التابوتِ ، فلنردَّه إِلى بني إِسرائيل ، فأخذوا عَجَلَةً ، فجعلوا التابُوتَ علَيْها ، وربَطُوها ببقرتَيْن ، فأرسلوهما في الأرضِ نَحْو بلادِ بَني إسرائيل ، فبعث اللَّه ملائكَةً تَسُوقُ البقرتَيْنِ ، حتى دخَلَتَا به على بني إِسرائيل ، وهم في أمر طَالُوتَ ، فأيقنوا بالنَّصْر .
وقال قتادةُ ، والربيعُ : كان هذا التابوتُ مما تركه موسى عنْد يُوشَعَ ، فجعله يُوشَعُ في البريَّة ، ومَرَّتْ علَيْه الدُّهُور ، حتى جاء وقْتُ طَالُوت ، فحملَتْه الملائكةُ في الهَوَاء ، حتى وضعْته بينهم ، فاستوثقت بنو إِسرائيل عند ذلك على طالوت ، وقيل غير هذا ، واللَّه أعلم .
وقوله تعالى : { فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ . . . } [ البقرة :248 ]
قال ابن عَبَّاس : السكينةُ طَسْتٌ من ذهَبٍ من الجَنَّة ، وقال مجاهدٌ : السكينة لها رأس كرأس الهِرَّة ، وجنَاحَان ، وذَنَب .
وقال عطاءٌ : السكينة ما يعرفونَ من الآياتِ ، فيسكنون إِليها ، وقال قتادة : { سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } أي : وقار لكم من ربِّكم .
قال : ( ع ) والصحيحُ أن التابوت كانَتْ فيه أشياء فاضلةٌ من بقايا الأنبياء وآثارهم ، تَسْكُن إِلى ذلك النُّفُوس ، وتأنس به ، ثم قَرَّر تعالى ، أن مجيء التابوتِ آية لهم ، إِنْ كانوا ممَّن يؤمن ويُبْصر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.