تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ءَايَةَ مُلۡكِهِۦٓ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَبَقِيَّةٞ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَٰرُونَ تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (248)

{ وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة . . . }

المفردات :

التابوت : صندوق التوراة وبعض المقدسات .

فيه سكينة من ربكم : في التابوت طمأنينة لقلوبكم لما فيه من علوم وشرائع وبركة وهداية .

وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون : تلك البقية هي قطع الألواح ، وعصا موسى وثيابه وعمامة هارون إلى غير ذلك .

تحمله الملائكة : نزلت به الملائكة تحمله وهم ينظرون إليه حتى وضعته بين يدي طالوت .

المعنى لإجمالي :

{ وقال لهم نبيهم } إن دليل صدقي على أن الله اختار طالوت حاكما ، هو أن يعود إليكم صندوق التوراة الذي سلب منكم تحمله الملائكة ، وفيه بعض آثار موسى وآل هارون الذين جاءوا من بعدهما وعند إحضاره تطمئن قلوبكم ، وإن في ذلك لدليلا يدفعكم إلى اتباعه والرضا به عن كنتم تذعنون للحق وتؤمنون به .

وقال لهم نبيهم بأن طالوت جدير بالملك .

{ إن آية ملكه } أي علامة ملكه أن يأتيكم صندوق فيه ألواح التوراة وبعض المقدسات على يدي طالوت .

وكان أعداؤهم الذين شردوهم من الأرض المقدسة التي غلبوا عليها على يد نبيهم يوشع بن نون ، بعد فترة التيه ووفاة موسى عليه السلام قد سلبوا منهم مقدساتهم ممثلة في التابوت الذي يحفظون فيه مخلفات أنبيائهم من آل موسى وآل هارون وقيل : كانت فيه نسخة من الألواح التي أعطاها الله لموسى على الطور فجعل لهم نبيهم علامة من الله أن تقع خارقة يشهدونها فيأتيهم التابوت بما فيه : تحمله الملائكة فتفيض على قلوبهم السكينة قال لهم : إن هذه الآية تكفي دلالة على صدق اختيار الله طالوت إن كنتم مؤمنين حقا ويبدو من السياق أن هذه الخارقة قد وقعت فانتهى القوم منها إلى اليقين .

قال الزمخشري : قوله : { وبقية مما ترك موسى وآل هارون } : هي رضراض الألواح وعصا موسى وثيابه وشيء من التوراة وكان الله قد رفعه بعد موسى عليه السلام فنزلت به الملائكة تحمله وهو ينظرون إليه فكان ذلك آية لاصطفاء الله لطالوت ، فإن قلت : من هم " آل موسى وآل هارون " ؟ قلت : الأنبياء من بني يعقوب بعدهما ويجوز أن يراد مما ترك موسى وهارون والآل مقحم لتفخيم شأنهما " ( 301 ) .

وقال ابن كثير : " قال ابن عباس : جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون " ( 302 ) .

وقيل : إن حمل الملائكة للتابوت مجاز عن الإبصار له ، كما تقول : حمل فلان متاعه إلى مكة ، أبي أوصله إليها .

{ إن في ذلكم لآية لكم إن كنتم مؤمنين }

أي أن في ذلك الذي أتاكم به طالوت لآية عظيمة وعلامة ظاهرة لكم تدل على أحقية طالوت بالملك والقيادة إن كتم مؤمنين بآيات الله وبالحق الذي جاء به أنبياؤه .

* * *