{ وقال لهم نبيهم } لما أذعنوا لذلك وطلبوا منه آية تدلّ على أنه سبحانه وتعالى اصطفى طالوت وملكه عليهم { إنّ آية } أي : علامة { ملكه أن يأتيكم التابوت } أي : الصندوق وكان فيه صور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، أنزله الله تعالى على آدم صلى الله عليه وسلم وكان من عود الشِّمشار بمعجمتين أولاهما مكسورة وبينهما ميم ساكنة خشب تعمل منه الأمشاط ، مموّهاً بالذهب نحواً من ثلاثة أذرع في ذراعين ، فكان عند آدم إلى أن مات ثم عند شيث ثم توارثه أولاد آدم إلى أن بلغ إبراهيم ، ثم كان عند إسماعيل ؛ لأنه كان أكبر ولده ثم عند يعقوب ، ثم كان في بني إسرائيل إلى أن وصل إلى موسى ، ثم تداوله أنبياء بني إسرائيل ، ثم استمرّ عند بني إسرائيل ، وكانوا إذا اختلفوا في شيء تكلم أو حكم بينهم ، وإذا حضروا القتال قدّموه بين أيديهم فيستفتحون به على عدوّهم كما قال تعالى : { فيه سكينة } أي : طمأنينة لقلوبكم { من ربكم } ففي أي مكان كان التابوت اطمأنوا إليه وسكنوا قاله قتادة والكلبي : لما عصوا وفسدوا سلط الله عليهم العمالقة أصحاب جالوت ، فغلبوهم على التابوت وأخذوه .
وقال علي : هو صورة لها رأسان ووجه كوجه الإنسان ، وقال مجاهد : هي شيء يشبه الهرة له رأس كرأس الهرّة وذنب كذنب الهرّة وله جناحان ، وقيل : له عينان لهما شعاع وجناحان من زمرد وزبرجد ، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : هي طشت من ذهب من الجنة ، كان يغسل فيه قلوب الأنبياء ، وقال وهب : هي روح من الله تتكلم إذا اختلفوا في شيء تخبرهم ببيان ما يريدون .
ولما كان الكليم وأخوه عليهما الصلاة والسلام أعظم أنبيائهم قال : { و } فيه { بقية مما ترك آل موسى وآل هرون } وآلهما أنفسهما والآل مقحم لتفخيم شأنهما .
وقيل : أبناؤهما ، وقيل : أنبياء بني إسرائيل لأنهم أبناء عمّ موسى وهرون والبقية هي رضاض الألواح أي : فتاتها وعصا موسى وثيابه ونعلاه وعمامة هرون وقفيز من المنّ ، الذي كان ينزل عليهم .
وقوله تعالى : { تحمله الملائكة } حال من فاعل يأتيكم { إنّ في ذلك لآية لكم } على ملكه وقوله تعالى : { إن كنتم مؤمنين } يحتمل أن يكون من كلام نبيهم ، وأن يكون ابتداء خطاب من الله تعالى ، فحملته الملائكة بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه ، حتى وضعته عند طالوت فأقروا بملكه ، وقيل : رفعه الله تعالى بعد موسى ، فنزلت به الملائكة وهم ينظرون إليه ، فلما رأوه لم يشكوا في النصر به ، فأقروا بملكه وتسارعوا إلى الجهاد ، فقال طالوت : لا حاجة لي في كل ما أرى لا يخرج معي رجل يبني بناء لم يفرغ منه ، ولا صاحب تجارة مشتغل بها ولا رجل عليه دين ، ولا رجل تزوّج امرأة ولم يبن بها ، ولا أبتغي إلا الشاب النشيط الفارغ ، فاجتمع عليه ممن اختاره ثمانون ألفاً وكان الوقت صيفاً في حرّ شديد فشكوا قلّة الماء بينهم وبين عدوّهم وقالوا : إن المياه لا تحملنا فادعو الله أن يجري لنا نهراً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.