التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا} (103)

قوله تعالى : ( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما ) .

قضاء الصلاة معناه إتمامها والفراغ منها كقوله : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) . والمؤمنون مطالبون عقيب صلاة الخوف أن يذكروا الله في قلوبهم وعلى ألسنتهم وذلك حال كونهم قائمين أو قاعدين أو مضطجعين على الجنوب . تلك حالات تكون عليها هيئة الإنسان وهو مدعوّ من ربه لكي يديم ذكره والدعاء إليه في توسّل خاشع وضراعة تامّة . ولا يقتصر الذكر أو الدعاء على الفراغ من الصلاة حين الخوف من العدوّ ، ولكن ذلك هنا آكد وأشد تنبيها مما لو كان المسلم في ظروف معتادة لا رهبة فيها ولا وجل . والأصل في ذلك كله أن المسلم لا مندوحة له عن الاعتصام والتشبث بحبل الله المتين أو عن المداومة في دأب لا ينقطع عن ذكر الله والدعاء إليه بالرحمة والإحسان والغفران ، وكذلك بالسلامة والنجاة يكتبها للمرء في هذه العاجلة ويوم التناد . لكن المرء إذ تحيق به النوائب والمخاطر فإنه تزداد لديه أسباب الثواء إلى الله والاستعانة به في دعاء متذلّل لحّاح ليكتب له حسن الجزاء وليؤيده بالثبات والعزيمة والاصطبار .

قوله : ( فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) الطمأنينة معناها الأمن وسكون النفس بعد ذهاب الخوف . فإذا اطمأنت النفوس المؤمنة وغمرتها السكينة بعد أن أراحها الله من الخوف وجب أن تقام الصلاة على أكمل هيئة وعلى أتم صفة وأداء من حيث الأركان والصفة والخشوع .

قوله : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) الكتاب الموقوت أي الفرض المؤقت في حينه المتعيّن . وقد قال عبد الله بن مسعود ( رضي الله عنه ) في تفسيرها : إن للصلاة وقتا كوقت الحج ، وذلك تبيين للمقصود على التمام ، فالصلاة قد كتبها الله على المسلمين وجعلها فريضة يمارسونها في أوقاتها المعيّنة المحدودة فكلما مضى وقت فيه فريضة الصلاة جاء وقت آخر فيه فريضة أخرى .