الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا} (103)

قوله : ( فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ . . . ) الآية [ 103 ] .

المعنى : إن الله تعالى أمرهم بذكره بعد الفرائض من الصلاة التي قد بينها لهم إرادة البركة بالذكر ليكون سبب( {[13459]} ) النصر على الأعداء والفتح ، ونظيره قوله : ( يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )( {[13460]} ) .

قوله : ( فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ) [ أي : فإذا سكن خوفكم ، فأقيموا الصلاة ]( {[13461]} ) بتمامها في أوقاتها كما فرضت عليكم .

فالمعنى : عند من جعل القصر في صلاة الخوف هو النقص من تمام السجود والركوع لا من العدد : فإذا أمنتم في سفركم ، فأتموا الركوع والسجود ، قاله السدي وهو اختيار الطبري( {[13462]} ) .

والمعنى عند من لم ير ذلك : فإذا اطمأننتم في أمصاركم ودوركم ، فأقيموا الصلاة التي أمرتم أن تقصروها في حال خوفكم وسفركم ، قال ذلك مجاهد وقتادة( {[13463]} ) .

وقال ابن يزيد : المعنى : فإذا اطمأننتم من عدوكم فصلوا الصلاة ، ولا تصلوها ركباناً ، ولا مشاة ولا جلوساً فهو إقامتها( {[13464]} ) .

قوله : ( كِتَاباً مَّوْقُوتاً ) أي : فريضة مفروضة قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما .

وقال قتادة : ( كِتَاباً مَّوْقُوتاً ) منجماً يؤديها في أنجمها أي : في أوقاتها( {[13465]} ) .

وقيل : ( {[13466]} ) معنى ( مَّوْقُوتاً ) محتوماً لابد من أدائها بتمامها في أوقاتها .

وقال ابن مسعود : إن للصلاة وقتاً كوقت الحج( {[13467]} ) .

وقال زيد بن أسلم : " كتاباً موقتاً " أي منجماً . كلما [ مضى ] نجم أي : كلما [ مضى( {[13468]} ) ] وقت جاء وقت( {[13469]} ) .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس بين العبد والكافر إلا ترك الصلاة " ( {[13470]} ) .

وقال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، من تركها فقد كفر " ( {[13471]} ) .

وقال النخعي وابن المبارك وأحمد وإسحاق : من ترك الصلاة عامداً حتى خرج وقتها بغير [ عذر ]( {[13472]} ) فهو كافر ، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وكذلك قال الشافعي .

وروي أنه يستتاب ثلاثاً فإن صلى وإلا قتل .

وقال الزهري : يضرب ويسجن إلا أن يكون ابتدع ديناً غير دين الإسلام ، فإنه يقتل إن لم يتب( {[13473]} ) .


[13459]:- (ج): سببا النصر.
[13460]:- الأنفال: 46.
[13461]:- ساقط من (ج).
[13462]:- انظر: جامع البيان 5/260.
[13463]:- انظر: المصدر السابق.
[13464]:- انظر: المصدر السابق.
[13465]:- انظر: جامع البيان 5/261.
[13466]:- عزاه الطبري لقتادة انظر: جامع البيان 1/497.
[13467]:- جامع البيان 5/261، وقد رد ابن العربي قول: ابن مسعود باعتبار أن الوقت هو محل للفعل وليس بشرط فيه لأن الصلاة لا تناط إلا بالفعل، مضى الوقت أو بقي. انظر: أحكام ابن العربي 1/497.
[13468]:- ساقط من (أ).
[13469]:- انظر: جامع البيان 5/261.
[13470]:- خرجه الترمذي في أبواب الإيمان 4/125.
[13471]:- خرجه اترمذي في أبواب الإيمان 4/126، وأبو داود في كتاب السنة 4/219، والمعجم الصغير للطبراني 1/134 و2/14.
[13472]:- ساقط من (أ).
[13473]:- اختلف في أمر تارك الصلاة على قولين: (أ): يقتل. (ب): يعزَّر ويحبس. فمن قال بالقتل –قال- يقتل كفراً وهو مذهب أحمد وإسحاق وابن المبارك أو –يقتل حداً لا كفراً وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه. فمن قال بالتعزير والحبس- وهم أهل الظاهر قالوا: يعزر ويحبس حتى يصلي. انظر: الأم للشافعي 1/292، وبداية المجتهد 1/90، والمحلى 2/235، والمغني لابن قدامة 2/297.