إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا} (103)

{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة } أي صلاةَ الخوفِ أي أديتموها على الوجه المبيّنِ وفرَغتم منها { فاذكروا الله قياما وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِكُمْ } أي فداوموا على ذكر الله تعالى وحافِظوا على مراقبته ومناجاتِه ودعائِه في جميع الأحوالِ حتى في حال المسايفة والقتالِ ، كما في قوله تعالى : { إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا واذكروا الله كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الأنفال ، الآية 45 ] { فَإِذَا اطمأننتم } سكنَت قلوبُكم من الخوف وأمِنتم بعدما وضعت الحربُ أوزارَها { فأقِيمُوا الصَّلاةَ } أي الصلاةَ التي دخل وقتُها حينئذ أي أدُّوها بتعديل أركانِها ومراعاةِ شرائطِها ، وقيل : المرادُ بالذكر في الأحوال الثلاثةِ الصلاةُ فيها أي فإذا أردتم أداءَ الصلاةِ فصلّوا قِياماً عند المسايفةِ وقعوداً جاثين على الرّكَب عند المراماةِ وعلى جنوبكم مُثخَنين بالجِراح ، فإذا اطمأننتم في الجملة فاقضُوا ما صليتم في تلك الأحوالِ التي هي [ من ] أحوال القلقِ والانزعاجِ ، وهو رأيُ الشافعيِّ رحمه الله وفيه من البعد ما لا يخفي . { إنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً } أي فرضاً موقتاً ، قال مجاهدٌ : وقّته الله عليهم فلابد من إقامتها في حالة الخوفِ أيضاً على الوجه المشروحِ ، وقيل : مفروضاً مقدّراً في الحضَر أربَعَ ركعاتٍ وفي السفر ركعتين فلابد أن تؤدى في كل وقتٍ حسبما قُدِّر فيه .