معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

قوله تعالى : { لاهيةً } ساهيةً غافلة ، { قلوبهم } معرضةً عن ذكر الله ، وقوله : لاهية نعت تقدم الاسم ، ومن حق النعت أن يتبع الاسم في الإعراب ، وإذا تقدم النعت الاسم فله حالتان : فصل ووصل ، في الفصل النصب كقوله تعالى : { خشعاً أبصارهم } ودانيةً عليهم ظلالها { لاهية قلوبهم } وفي الوصل حالة ما قبله من الإعراب كقوله ، ( ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ) { وأسروا النجوى الذين ظلموا } يعني : أشركوا قوله وأسروا فعل تقدم الجمع وكان حقه وأسر . قال الكسائي : فيه تقديم وتأخير ، أراد الذين ظلموا أسروا النجوى . وقيل : محل الذين رفع على الابتداء معناه واسروا النجوى ، ثم قال وهم الذين ظلموا ، وقيل رفع على البدل من الضمير في أسروا . قال المبرد : هذا كقولك إن الذين في الدار انطلقوا بنو عبد الله ، على البدل مما في انطلقوا ثم بين سرهم الذي تناجوا به فقال : { هل هذا إلا بشر مثلكم } أنكروا إرسال البشر وطلبوا إرسال الملائكة . { أفتأتون السحر } يعني تحضرون السحر وتقبلونه { وأنتم تبصرون } تعلمون أنه سحر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

وقوله : { وأسروا النجوى الذين ظلموا } أي قائلين فيما بينهم خفية { هل هذا إلا بشر مثلكم } يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم يستبعدون كونه نبياً لأنه بشر مثلهم ، فكيف اختص بالوحي دونهم ، ولهذا قال : { أفتأتون السحر وأنتم تبصرون } أي أفتتبعونه فتكونون كمن يأتي السحر وهو يعلم أنه سحر ، فقال تعالى مجيباً لهم عما افتروه واختلقوه من الكذب

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

القول في تأويل قوله تعالى : { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرّواْ النّجْوَى الّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هََذَآ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : لاهيَةً قُلُوبُهُمْ غافلة ، يقول : ما يستمع هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم هذا القرآن إلا وهم يلعبون غافلة عنه قلوبهم ، لا يتدبرون حكمه ولا يتفكرون فيما أودعه الله من الحجج عليهم . كما :

حدثنا بِشر قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ يقول : غافلة قلوبهم .

وقوله : وأَسَرّوا النّجْوَى الّذِينَ ظَلَمُوا يقول : وأسرّ هؤلاء الناس الذين اقتربت الساعة منهم وهم في غفلة معرضون ، لاهية قلوبهم ، النجوى بينهم ، يقول : وأظهروا المناجاة بينهم فقالوا : هل هذا الذي يزعم أنه رسول من الله أرسله إليكم إلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ؟ يقولون : هل هو إلا إنسان مثلكم في صوركم وخلقكم ؟ يعنون بذلك محمدا صلى الله عليه وسلم . وقال الذين ظلموا فوصفهم بالظلم بفعلهم وقيلهم الذي أخبر به عنهم في هذه الاَيات إنهم يفعلون ويقولون من الإعراض عن ذكر الله والتكذيب برسوله . ول «الّذين » من قوله : وأسَرّوا النّجْوَى الّذِينَ ظَلَمُوا في الإعراب وجهان : الخفض على أنه تابع للناس في قوله : اقْتَرَبَ للنّاسِ حِسابُهُمْ والرفع على الردّ على الأسماء الذين في قوله : وأسَرّوا النّجْوَى من ذكر الناس ، كما قيل : ثمّ عَمُوا وَصَمّوا كثِيرٌ مِنْهُمْ . وقد يحتمل أن يكون رفعا على الابتداء ، ويكون معناه : وأسرّوا النجوى ، ثم قال : هم الذين ظلموا .

وقوله : أفَتَأتُونَ السّحْرَ وأنْتُمْ تُبْصِرُونَ يقول : وأظهروا هذا القول بينهم ، وهي النجوى التي أسرّوها بينهم ، فقال بعضهم لبعض : أتقبلون السحر وتصدّقون به وأنتم تعلمون أنه سحر ؟ يعنون بذلك القرآن كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أفَتَأُتُونَ السّحْرَ وأنْتُمْ تُبْصِرُونَ قال : قاله أهل الكفر لنبيهم لما جاء به من عند الله ، زعموا أنه ساحر ، وأن ما جاء به سحر ، قالوا : أتأتون السحر وأنتم تبصرون ؟