غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

1

قوله { لاهية } هي من لهى عنه بالكسر إذا ذهل وغفل . وفيه إن هم كالأنعام بل هم لا يحصلون من الاستماع والتذكير إلا على مثل ما تحصل هي عليه آذانهم تسمع وقلوبهم لا تعي ولا تفقه .

ومعنى { وأسروا النجوى } بالغوا في إخفائها وجعلوها بحيث لا يفطن أحد لها ولا يعلم أنهم متناجون وفي " واو " اسروا وجهان : أحدهما أن على لغة من يجوز إلحاق علامة التثنية والجمع بالفعل إذا كان مقدماً على فاعله ، وثانيهما وهو الأقوى أن الواو ضمير راجع إلى الناس المقدم ذكرهم و { الذين ظلموا } بدل منهم . أو هو منصوب المحل على الذم ، أو هو مبتدأ خبره { أسروا النجوى } مقدماً عليه . وعلى التقادير أراد وأسروا النجوى هؤلاء فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلاً على فعلهم بأنه ظلم ثم أبدل من النجوى قوله { هل هذا إلاّ بشر } إلى قوله { وأنتم تبصرون } أي أتقبلون سحره وتحضرون هناك وأنتم ترون أنه رجل مثلكم ، أو تعلمون أنه سحر وأنتم من أهل البصر والعقل ؟ وجوز بعضهم أن يكون قوله { هل هذا } إلى آخره مفعولاً لقالوا مضمراً ، وإنما أسروا نجوى هذا الحديث لأنهم أرادوا شبه التشاور فيما بينهم تحرياً لهدم أمر النبي كما جاء في كلام الحكماء . ويرفع أيضاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم " استعينوا على حوائجكم بالكتمان " ويجوز أن يسروا بذلك ثم يقولوا للرسول والمؤمنين : إن كان ما تدعون حقاً فأخبرونا بما أسررنا .

/خ20