الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

ثم قال : { لاهية قلوبهم }[ 3 ] .

أي : غافلة ، لا يتدبرون حكمه ولا يتفكرون فيما أودعه{[45729]} كتابه .

ثم قال تعالى : { وأسروا النجوى الذين ظلموا }[ 3 ] .

أي : أسر هؤلاء الناس الذين اقترب حسابهم ، النجوى بينهم ، أي : أظهروا المناجاة بينهم ، فقالوا : هل محمد إلا بشر مثلكم ، وهو يزعم أنه رسول من عند الله إليكم .

وقيل : { وأسروا النجوى } أي : قالوا ذلك سرا .

وقال أبو عبيدة : ( هو من الأضداد ){[45730]} .

/خ3

ثم قال : { أفتاتون السحر وأنتم تبصرون }[ 3 ] .

زعموا أن محمدا صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ساحر ، وأن ما جاء به سحر . أي تقبلون ما جاءكم به{[45731]} وهو سحر وأنتم تبصرون أنه بشر مثلكم .

وفي الضمير الذي أتى بلفظ الجمع في قوله تعالى : { وأسروا النجوى الذين ظلموا } مع الكلام على موضع ( الذين ) من الإعراب ستة أقوال{[45732]} .

الأول : أن يكون{[45733]} { الذين ظلموا } بدلا{[45734]} من الواو في { وأسروا } فيكون{[45735]} التقدير : { وأسروا النجوى الذين ظلموا }{[45736]} .

والثاني : أن يكون { الذين ظلموا } رفعا بابتداء مضمر ، والتقدير : ( هم الذين ظلموا ){[45737]} .

والثالث : أن يكون { الذين ظلموا } رفعا بفعلهم . والتقدير : يقول الذين ظلموا هل هذا .

والرابع : أن يكون { الذين ظلموا } في موضع نصب بإضمار ، أعني .

والخامس : أن يكون على لغة من جمع الفعل مقدما ، كما حكي : أكلوني البراغيث ، وهو قول الأخفش{[45738]} .

والسادس : أن يكون { الذين ظلموا } بدلا من الناس أو نعتا . كأنه قال : اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم{[45739]} .

والوقف على { وأسروا النجوى }{[45740]} حسن على القول الثاني والثالث والرابع .


[45729]:ز: أوعده. (تحريف).
[45730]:انظر: مجاز القرآن 2/34.
[45731]:ز: جاء به.
[45732]:انظر: هذه الأقوال الستة في إعراب القرآن للنحاس 2/366.
[45733]:(أن يكون) سقطت من ز.
[45734]:ز: بدل. (خطأ).
[45735]:ز: فيصير.
[45736]:انظر: معاني الزجاج 3/383 وهو اختياره.
[45737]:انظر: معاني الزجاج 3/383.
[45738]:انظر: معاني الأخفش 2/410.
[45739]:انظر: معاني الفراء 2/198.
[45740]:انظر: المكتفى: 250 والقطع والائتناف: 371.