ومن قرأ : { لاَهِيَة } بالرفع فالحال واحدة ، لأن { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } خبر بعد خبر ، لقوله : { وَهُمْ } واللاهية : من لها عنه إذا ذهل وغفل ، يعني أنهم وإن فطنوا فهم في قلة جدوى فطنتهم كأنهم لم يفطنوا أصلاً ، وثبتوا على رأس غفلتهم ، وذهولهم عن التأمّل والتبصر بقلوبهم [ ( وأسروا النجوى ) ]
فإن قلت : النجوى وهي اسم من التناجي لا تكون إلا خفية ، فما معنى قوله : { وَأَسَرُّواْ } ؟ قلت : معناه وبالغوا في إخفائها . أو جعلوها بحيث لا يفطن أحد لتناجيهم ولا يعلم أنهم متناجون ، أبدل { الذين ظَلَمُواْ } من واو وأسرّوا ، إشعاراً بأنهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسرّوا به . أو جاء على لغة من قال «أكلوني البراغيث » أو هو منصوب المحل على الذم . أو هو مبتدأ خبره { وَأَسَرُّواْ النجوى } قدّم عليه . والمعنى : وهؤلاء أسروا النجوى . فوضع المظهر موضع المضمر تسجيلاً على فعلهم بأنه ظلم { هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السحر وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } هذا الكلام كله في محل النصب بدلاً من النجوى ، أي : وأسروا هذا الحديث . ويجوز أن يتعلق بقالوا مضمراً : اعتقدوا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا ملكاً ، وأن كل من ادّعى الرسالة من البشر وجاء بالمعجزة هو ساحر ومعجزته سحر ، فلذلك قالوا على سبيل الإنكار : أفتحضرون السحر وأنتم تشاهدون وتعاينون أنه سحر .
فإن قلت : لم أسروا هذا الحديث وبالغوا في إخفائه ؟ قلت : كان ذلك شبه التشاور فيما بينهم ، والتحاور في طلب الطريق إلى هدم أمره ، وعمل المنصوبة في التثبيط عنه وعادة المتشاورين في خطب أن لا يشركوا أعداءهم في شوراهم ، ويتجاهدوا في طيّ سرّهم عنهم ما أمكن واستطيع . ومنه قول الناس : " استعينوا على حوائجكم بالكتمان " وَيُرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويجوز أن يسرّوا نجواهم بذلك ثم يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين : إن كان ما تدعونه حقاً فأخبرونا بما أسررنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.