قوله تعالى : { ربنا واجعلنا مسلمين لك } . موحدين مطيعين مخلصين خاضعين لك .
قوله تعالى : { ومن ذريتنا } . أي أولادنا .
قوله تعالى : { أمة } . جماعة والأمة أتباع الأنبياء .
قوله تعالى : { مسلمة لك } . خاضعة لك .
قوله تعالى : { وأرنا } . علمنا وعرفنا ، قرأ ابن كثير ساكنة الراء ، وأبو عمرو بالاختلاس ، والباقون بكسرها ، ووافق ابن عامر وأبو بكر في الإسكان في حم السجدة ، وأصله أرئنا فحذفت الهمزة طلباً للخفة ونقلت حركتها إلى الراء ، ومن سكنها قال : ذهبت الهمزة فذهبت حركتها .
قوله تعالى : { مناسكنا } . شرائع ديننا وأعلام حجنا . وقيل : مواضع حجنا ، وقال مجاهد : مذابحنا والنسك الذبيحة ، وقيل : متعبداتنا ، وأصل النسك العبادة ، والناسك العابد ، فأجاب الله تعالى دعاءهما فبعث جبريل فأراهما المناسك في يوم عرفة ، فلما بلغ عرفات قال : عرفت يا إبراهيم ؟ قال : نعم فسمي الوقت عرفة والموضع عرفات .
قوله تعالى : { وتب علينا } . تجاوز عنا . { إنك أنت التواب الرحيم } .
( ربنا واجعلنا مسلمين لك ، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك . وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ) .
إنه رجاء العون من ربهما في الهداية إلى الإسلام ؛ والشعور بأن قلبيهما بين أصبعين من أصابع الرحمن ؛ وأن الهدى هداه ، وأنه لا حول لهما ولا قوة إلا بالله ، فهما يتجهان ويرغبان ، والله المستعان .
ثم هو طابع الأمة المسلمة . . التضامن . . تضامن الأجيال في العقيدة : ( ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) . .
وهي دعوة تكشف عن اهتمامات القلب المؤمن . إن أمر العقيدة هو شغله الشاغل ، وهو همه الأول . وشعور إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - بقيمة النعمة التي أسبغها الله عليهما . . نعمة الإيمان . . تدفعهما إلى الحرص عليها في عقبهما ، وإلى دعاء الله ربهما ألا يحرم ذريتهما هذا الإنعام الذي لا يكافئه إنعام . . لقد دعوا الله ربهما أن يرزق ذريتهما من الثمرات ولم ينسيا أن يدعواه ليرزقهم من الإيمان ؛ وأن يريهم جميعا مناسكهم ، ويبين لهم عباداتهم ، وأن يتوب عليهم . بما أنه هو التواب الرحيم .
{ ربنا واجعلنا مسلمين لك } مخلصين لك ، من أسلم وجهه ، أو مستسلمين من أسلم إذا استسلم وانقاد ، والمراد طلب الزيادة في الإخلاص والإذعان ، أو الثبات عليه . وقرئ { مسلمين } على أن المراد أنفسهما وهاجر . أو أن التثنية مراتب الجمع . { ومن ذريتنا أمة مسلمة لك } أي واجعل بعض ذريتنا ، وإنما خصا الذرية بالدعاء لأنهم أحق بالشفقة ولأنهم إذا صلحوا صلح بهم الأتباع ، وخصا بعضهم لما أعلما أن في ذريتهما ظلمة ، وعلما أن الحكمة الإلهية لا تقتضي الاتفاق على الإخلاص والإقبال الكلي على الله تعالى ، فإنه مما يشوش المعاش ، ولذلك قيل : لولا الحمقى لخربت الدنيا ، وقيل : أراد بالأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويجوز أن تكون من للتبيين كقوله تعالى : { وعد الله الذين آمنوا منكم } قدم على المبين وفصل به بين العاطف والمعطوف كما في قوله تعالى : { خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن } . { وأرنا } من رأى بمعنى أبصر ، أو عرف ، ولذلك لم يتجاوز مفعولين { مناسكنا } متعبداتنا في الحج ، أو مذابحنا . والنسك في الأصل غاية العبادة وشاع في الحج لما فيه من الكلفة والبعد عن العادة . وقرأ ابن كثير والسوسي عن أبي عمرو ويعقوب { أرنا } ، قياسا على فخذ ، في فخذ وفيه إجحاف لأن الكسرة منقولة من الهمزة الساقطة دليل عليها . وقرأ الدوري عن أبي عمرو بالاختلاس { وتب علينا } استتابة لذريتهما ، أو عما فرط منهما سهوا . ولعلهما قالا هضما لأنفسهما وإرشادا لذريتهما { إنك أنت التواب الرحيم } لمن تاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.