النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (128)

قوله تعالى : { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَينِ لَكَ } على التثنية ، وقرأ عوف الأعرابي : { مُسْلِمِينَ لك } على الجمع . ويقال : أنه لم يدع نَبيُّ إلا لنفسه ولأمته إلا إبراهيم فإنه دعا مع دعائه لنفسه ولأمته لهذه الأمة في قوله : { وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ } والمسلم هو الذي استسلم لأمر الله وخضع له ، وهو في الدين القابل لأوامر الله سراً وجهراً .

{ وأَرِنَا مَنَاسِكَنَا } أي عرفنا مناسكنا ، وفيها تأويلان :

أحدهما : أنها مناسك الحج ومعالمه ، وهذا قول قتادة والسدي .

والثاني : أنها مناسك{[202]} الذبائح التي تنسك لله عز وجل ، وهذا قول مجاهد وعطاء .

والمناسك جمع منسك ، واختلفوا في تسميته منسكاً على وجهين :

أحدهما : لأنه معتاد يتردد الناس إليه في الحج والعمرة ، من قولهم إن لفلان منسكاً ، إذا كان له موضع معتاد لخير أو شر ، فسميت بذلك مناسك الحج لاعتيادها .

والثاني : أن النسك عبادة الله تعالى ، ولذلك سُمِّي الزاهد ناسكاً لعبادة ربه ، فسميت هذه مناسك لأنها عبادات .


[202]:- مناسك الذبائح: أي مواضع ذبحها.