مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (128)

{ رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ } مخلصين لك أوجهنا من قوله { أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ } [ البقرة : 112 ] أو مستسلمين يقال أسلم له واستسلم إذا خضع وأذعن ، والمعنى زدنا إخلاصاً وإذعاناً لك . { وَمِن ذُرّيَّتِنَا } واجعل من ذريتنا { أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ } و«من » للتبعيض أو للتبيين . وقيل : أراد بالأمة أمة محمد عليه السلام وإنما خصا بالدعاء ذريتهما لأنهم أولى بالشفقة كقوله تعالى : { قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } [ التحريم : 6 ] . { وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا } منقول من «رأى » بمعنى أبصر أو عرف ولذا لم يتجاوز مفعولين أي وبصرنا متعبداتنا في الحج أو عرفناها . وواحد المناسك منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ولهذا قيل للعابد ناسك . «وأرنا » : مكي قاسه على فخذ في فخذ ، وأبو عمرو يشم الكسرة . { وَتُبْ عَلَيْنَا } ما فرط منا من التقصير أو استتاباً لذريتهما { إِنَّكَ أَنتَ التواب الرحيم } .