معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

قوله تعالى : { أفمن شرح الله صدره للإسلام } وسعه لقبول الحق . { فهو على نور من ربه } كمن أقسى الله قلبه .

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا ابن فنجويه حدثنا عبد الله بن محمد بن شيبة ، حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن يزيد الموصلي ببغداد ، أنبأنا أبو فروة ، واسمه يزيد بن محمد ، حدثني أبي ، عن أبيه ، حدثنا زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود قال : " تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } قلنا : يا رسول الله كيف انشراح صدره ؟ قال : إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح ، قلنا : يا رسول الله وما علامة ذلك ؟ قال :الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والتأهب للموت قبل نزول الموت " . قوله عز وجل :{ فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين } قال مالك ين دينار : ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب ، وما غضب الله عز وجل على قوم إلا نزع منهم الرحمة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

21

( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ? فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله . أولئك في ضلال مبين . الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ؛ ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله . ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ؛ ومن يضلل الله فما له من هاد ) . .

وكما ينزل الماء من السماء فينبت لهم به زرعاً مختلفاً ألوانه كذلك ينزل من السماء ذكراً تتلقاه القلوب الحية ؛ فتتفتح وتنشرح وتتحرك حركة الحياة ، وتتلقاه القلوب القاسية كما تتلقاه الصخرة القاسية التي لا حياة فيها ولا نداوة !

والله يشرح للإسلام قلوباً يعلم منها الخير ، ويصلها بنوره فتشرق به وتستضيء . والفرق بين هذه القلوب وقلوب أخرى قاسية فرق بعيد . ( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ) . .

( أولئك في ضلال مبين ) . .

وهذه الآية تصور حقيقة القلوب التي تتلقى الإسلام فتنشرح له وتندى به . وتصور حالها مع الله . حال الانشراح والتفتح والنداوة والبشاشة ، والإشراق والاستنارة . كما تصور حقيقة القلوب الأخرى في قساوتها وغلظتها وموتها وجفافها ، وعتمتها وظلامها . ومن يشرح الله صدره للإسلام ويمد له من نوره ، ليس قطعاً كالقاسية قلوبهم من ذكر الله . وشتان شتان بين هؤلاء وهؤلاء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

وقوله : { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ } أي : هل يستوي هذا ومن هو قاسي القلب بعيد من الحق ؟ ! كقوله تعالى : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا } [ الأنعام : 122 ] ؛ ولهذا قال : { فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ } أي : فلا تلين عند ذكره ، ولا تخشع ولا تعي ولا تفهم ، { أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

روي أن هذه الآية : { أفمن شرح الله صدره للإسلام } آية نزلت في علي وحمزة ، وأبي لهب وابنه هما اللذان كانا من القاسية قلوبهم ، وفي الكلام محذوف يدل الظاهر عليه ، تقديره ، أفمن شرح الله صدره كالقاسي القلب المعرض عن أمر الله . وشرح الصدر : استعارة لتحصيله للنظر الجيد والإيمان بالله . و «النور » هداية الله تعالى ، وهي أشبه شيء بالضوء . قال ابن مسعود : قلنا يا رسول الله كيف انشراح الصدر ؟ قال : «إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح » ، قالوا وما علامة ذلك ؟ قال : «الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والتأهب للموت قبل الموت » . و «القسوة » : شدة القلب ، وهي مأخوذة من قسوة الحجر ، شبه قلب الكافر به في ضلالته وقلة انفعاله للوعظ . وقال مالك بن دينار : ما ضرب العبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب ، ويدل قوله : { فويل للقاسية } على المحذوف المقدر .