النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

قوله عز وجل : { أفمن شرح الله صدره للإسلام } فيه وجهان :

أحدهما : وسع صدره للإسلام حتى يثبت فيه ، قاله ابن عباس والسدي .

الثاني : وسع صدره بالإسلام بالفرح به والطمأنينة إليه ، فعلى هذا لا يجوز أن يكون الشرح قبل الإسلام ، < وعلى الوجه الأول يجوز أن يكون الشرح قبل الإسلام .

{ فهو على نور من ربه } فيه وجهان :

أحدهما : على هدى من ربه ، قاله السدي .

الثاني : أنه كتاب الله الذي به يأخذ وإليه ينتهي ، قاله قتادة .

وروى عمرو بن مرّة عن عبد الله بن سدر قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، فقالوا : يا رسول الله ما هذا الشرح ؟ فقال : " نور يقذف به في القلب " ، قالوا : يا رسول الله هل لذلك من أمارة ؟ قال : " نعم " قالوا : ما هي ؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل الموت " .

وفي من نزلت فيه هذه الآية ثلاثة أقاويل :

أحدها : في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله الكلبي .

الثاني : في عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حكاه النقاش .

الثالث : في عمار بن ياسر ، قاله مقاتل .

{ فويل للقاسية قلوبُهم من ذِكر الله } قيل أنه عنى أبا جهل وأتباعهُ من كفار قريش ، وفي الكلام مضمر محذوف تقديره : فهو على نور من ربه كمن طبع الله على قلبه فويل للقاسية قلوبهم .