قوله : ( اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ )[ 14 ] .
معناه : الله يجازيهم على قولهم . والعرب تسمي( {[934]} ) جزاء الذنب باسمه . قال الله جل ذكره : ( وَجَزَاؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةُ( {[935]} ) مِّثْلُهَا )( {[936]} ) . وقال : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ )( {[937]} ) .
فالأول من هذا استهزاء وسيئة ، وعدوان ، والثاني : جزاء عليه ، فسمي باسمه اتساعاً لأن المعنى قد علم( {[938]} ) .
وقيل : معنى( {[939]} ) ( اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ) : أي يقطع عنهم نورهم يوم القيامة إذا أخلوا( {[940]} ) على الصراط [ ويديم نور( {[941]} ) ] المؤمنين وهو قوله : ( فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ )( {[942]} ) ، فهو يعطيهم يوم القيامة نوراً لا يتم لهم ، ولا ينتفعون به/ لانقطاعه عنهم .
وقال الحسن : " إن جهنم تجمد كما تجمد الإهالة( {[943]} ) في القدر ، فيقال لهم : هذا طريق ، فيمضون فيه فيخسف بهم( {[944]} ) إلى الدرك الأسفل من النار( {[945]} ) .
وروى أبو صالح عن ابن عباس أنه قال : " يقال لأهل النار يوم القيامة : أخرجوا من النار . وتفتح لهم أبواب النار فإذا رأوا الأبواب قد فتحت أقبلوا إليها ، يريدون الخروج منها ، والمؤمنون ينظرون إليهم من الجنة –وهم على الأرائك- فإذا انتهى أهل النار إلى أبوابها يريدون الخروج منها( {[946]} ) غلقت [ أبوابها دونهم( {[947]} ) ] ، فذلك قوله( {[948]} ) : ( اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ) ، قال : ويضحك المؤمنون( {[949]} ) عند ذلك ، وهو قوله : ( فَاليَوْمَ الذِينَ ءَامَنُوا مِنَ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ )( {[950]} )( {[951]} ) .
وقيل : معنى : ( اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ) أي يظهر لهم من أحكامه في الدنيا في حقن دمائهم وسلامة أموالهم خلاف ما يظهر لهم من عذابه يوم القيامة جزاء على إظهارهم للمؤمنين في الدنيا خلاف ما يبطنون .
وقيل : معناه : يُمْلي لهم ، كما قال : ( سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ )( {[952]} ) .
/ قوله : ( وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )[ 14 ] .
أي يطيل لهم في الأجل المكتوب لهم ، وهم في طغيانهم يتحيرون( {[953]} ) . والطغيان والعتو والعلو بغير الحق ، والعمه( {[954]} ) التحير( {[955]} ) .
/ وقيل : معنى ( يَعْمَهُونَ ) يركبون رؤوسهم ، فلا يبصرون رشدهم( {[956]} ) كما قال : ( اَفَمَنْ يَّمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ )( {[957]} ) وهذا كله من صفات المنافقين عند أكثر المفسرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.