محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (15)

{ الله يستهزئ بهم ويمدّهم في طغيانهم يعمهون 15 } .

{ الله يستهزئ بهم } يسخر بهم للنقمة منهم هكذا فسره ابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه الضحّاك { ويمدّهم في طغيانهم يعمهون } يزيدهم على وجه الإملاء ، والترك لهم في عتوّهم وتمردهم ، كما قال تعالى : { ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون } {[491]} .

/ و( الطغيان ) المراد به هنا : الغلو في الكفر ومجاوزة الحد في العتو . وأصل المادة هي المجاوزة في الشيء ، كما قال تعالى : { إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية } {[492]} .

و ( العمه ) مثل العمى إلا أن العمى عامّ في البصر والرأي ، والعمه في الرأي خاصة وهو التحيّر والتردد ، لا يدري أين يتوجه .

أي في ضلالهم وكفرهم الذي غمرهم دَنَسُهُ ، وعلاهم رجسه يترددون حيارى ، ضُلاّلا ، لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا .

والمشهور فتح الياء من { يمدّهم } ، وقرئ شاذا بضمها ، وهما بمعنى واحد . يقال : مد الجيش وأمده إذا زاده ، وألحق به ما يقويه ويكثره وكذلك مد الدواة وأمدها زادها ما يصلحها .


[491]:[6/ الأنعام/ 110].
[492]:[69/ الحاقة/ 11].