قوله تعالى : { اللهُ يَسْتَهْزئُ بِهِمْ } فيه خمسة أوجه :
أحدها : معناه أنه يحاربهم على استهزائهم ، فسمي الجزاء باسم المجازى عليه ، كما قال تعالى : { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْه بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } ، وليس الجزاء اعتداءً ، قال عمرو بن كلثوم :
أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا *** فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينا
والثاني : أن معناه أنه يجازيهم جزاء المستهزئين .
والثالث : أنه لما كان ما أظهره من أحكام إسلامهم في الدنيا ، خلاف ما أوجبه عليهم من عقاب الآخرة ، وكانوا فيه اغترار به ، صار كالاستهزاء [ بهم ] .
والرابع : أنه لما حسن أن يقال للمنافق :
{ ذُقْ إِنًّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ }
[ الدخان : 49 ] ، صار القول كالاستهزاء به .
والخامس : ما حكي : أنهم يُفْتَح لهم باب الجحيم ، فيرون أنهم يخرجون منها ، فيزدحمون للخروج ، فإذا انتهوا إلى الباب ضربهم الملائكة ، بمقامع النيران ، حتى يرجعوا ، وهاذ نوع من العذاب ، وإن كان كالاستهزاء .
قوله عز وجل : { وَيَمُدُّهُمْ في طُغْيانِهم يَعْمَهُونَ } وفي يمدهم تأويلان :
أحدهما : يملي لهم ، وهو قول ابن مسعود .
والثاني : يزيدهم ، وهو قول مجاهد .
يقال مددت وأمددت . فحكى عن يونس أنه قال : مددت فيما كان من الشر ، وأمددت فيما كان من الخير ، وقال بعض الكوفيين : يقال مددت مددت فيما كانت زيادته منه ، كما يقال مد النهر وأمده نهر آخر ، وأمددت فيما حدثت زيادة من غيره ، كقولك أمددت الجيش بمدد ، وأمد الجرح{[40]} لأن المدة من غيره .
( في طغيانهم ) يعني تجاوزهم في الكفر ، والطغيان مجاوزة القدر . يقال طغى الماء إذا جاوز قدره .
قال الله تعالى : { إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية }
أحدها- يترددون ؛ ومنه قول الشاعر :
حيران يعمه في ضلالته مستورد بشرائع
والثاني- معناه يتحيرون ، قال رؤبة بن العجاج :
ومهمه أطرافه في مهمه أعمى الهدى بالجاهلين العمّه
والثالث- يعمهون عن رشدهم فلا يبصرونه ، لأن من عمه عن الشيء كمن كمه عنه ، قال الأعشى :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.