{ الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ، أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ، مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ، صم بكم عمي فهم لا يرجعون } .
{ الله يستهزئ بهم } أي ينزل بهم الهوان والحقارة وينتقم منهم ويستخف بهم انتصافا منهم لعباده المؤمنين ، وجزاء لاستهزائهم بهم ، فسمى الجزاء باسمه ، لأنه في مقابلته ، وورد ذلك في القرآن كثيرا منه { جزاء سيئة سيئة مثلها ، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } والجزاء لا يكون سيئة ، والقصاص لا يكون اعتداء لأنه حق ، ومنه { ومكروا ومكر الله } { إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا } { وتعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } وهو في السنة كثير كقوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يمل حتى تملوا ) وإنما قال { الله يستهزئ بهم } لأنه يفيد التجدد وقتا بعد وقت وهو أشد عليهم وأنكى لقلوبهم ، وأوجع لهم من الاستهزاء الدائم الثابت المستفاد من الجملة الإسمية لأنه يألفه ويوطن نفسه عليه ، قال ابن عباس يفتح لهم باب الجنة فإذا انتهوا إليه سد عنهم وردوا إلى النار .
{ ويمدهم } أي يتركهم ويمهلهم ويطيل لهم المدة كما قال : { إنما نملي لهم ليزدادوا إثما } والمد الزيادة قال يونس ابن حبيب يقال أمد في الشر وأمد في الخير ، ومنه { وأمددناهم بأموال وبنين ، وأمددناهم بفاكهة } وقال الأخفش مددت له إذا تركته وأمددته إذا أعطيته { في طغيانهم } أي في ضلالهم وأصل الطغيان مجاوزة الحد ومنه { إنا لما طغى الماء } والغلو في الكفر { يعمهون } أي يترددون في الضلالة متحيرين ، والعمه والعامه الحائر المتردد ، والعمه في القلب كالعمى في العين ، قال في الكشاف : العمه مثل العمى إلا أن العمى في البصر والرأي ، والعمي في الرأي خاصة انتهى ، فبينهما عموم وخصوص مطلقا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.