قوله تعالى : { وكذلك } أي : كما أوحينا إلى سائر رسلنا ، { أوحينا إليك روحاً من أمرنا } قال ابن عباس : نبوة . وقال الحسن : رحمة . وقال السدي ومقاتل : وحياً . وقال الكلبي : كتاباً . وقال الربيع : جبريل . وقال مالك بن دينار . يعني القرآن . { ما كنت تدري } قبل الوحي ، { ما الكتاب ولا الإيمان } يعني شرائع الإيمان ومعالمه ، قال محمد بن خزيمة : الإيمان في هذا الموضع : الصلاة ، ودليله : قوله عز وجل : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } ( البقرة-143 ) . وأهل الأصول على أن الأنبياء عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحي ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم ، ولم يتبين له شرائع دينه . { ولكن جعلناه نوراً } قال ابن عباس : يعني الإيمان . وقال السدي : يعني القرآن . { نهدي به } نرشد به ، { من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي } أي لتدعو ، { إلى صراط مستقيم } يعني الإسلام .
{ وَكَذَلِكَ } حين أوحينا إلى الرسل قبلك { أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } وهو هذا القرآن الكريم ، سماه روحا ، لأن الروح يحيا به الجسد ، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح ، وتحيا به مصالح الدنيا والدين ، لما فيه من الخير الكثير والعلم الغزير .
وهو محض منة الله على رسوله وعباده المؤمنين ، من غير سبب منهم ، ولهذا قال : { مَا كُنْتَ تَدْرِي } أي : قبل نزوله عليك { مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ } أي : ليس عندك علم بأخبار الكتب السابقة ، ولا إيمان وعمل بالشرائع الإلهية ، بل كنت أميا لا تخط ولا تقرأ ، فجاءك هذا الكتاب الذي { جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا } يستضيئون به في ظلمات الكفر والبدع ، والأهواء المردية ، ويعرفون به الحقائق ، ويهتدون به إلى الصراط المستقيم .
{ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } أي : تبينه لهم وتوضحه ، وتنيره وترغبهم فيه ، وتنهاهم عن ضده ، وترهبهم منه ، ثم فسر الصراط المستقيم فقال :
وقوله{[25981]} { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } يعني : القرآن ، { مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ } أي : على التفصيل الذي شرع لك في القرآن ، { وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ } أي : القرآن { نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا } ، كقوله : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 44 ] .
{ وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا } يعني ما أوحي إليه ، وسماه روحا لأن القلوب تحيا به ، وقيل جبريل والمعنى أرسلناه إليك بالوحي . { ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } أي قبل الوحي ، وهو دليل على أنه لم يكن متعبدا قبل النبوة بشرع . وقيل المراد هو الإيمان بما لا طريق إليه إلا السمع . { ولكن جعلناه } أي الروح أو الكتاب أو الإيمان . { نورا نهدي به من نشاء من عبادنا } بالتوفيق للقبول والنظر فيه . { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } هو الإسلام ، وقرئ " لتهدي " أي ليهديك الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.