{ وكذلك } أي : ومثل إيحائنا إلى غيرك من الرسل { أوحينا } بما لنا من العظمة { إليك } يا أفضل الرسل { روحاً } قال ابن عباس : نبوة وقال الحسن : رحمة وقال السدي : وحياً وقال الكلبي : كتاباً وقال الربيع : جبريل وقال مالك بن دينار : القرآن ، وسمي الوحي روحاً ؛ لأنه مدبر الروح كما أن الروح مدبر للبدن وزاد عظمته بقوله تعالى : { من أمرنا } أي : الذي نوحيه إليك .
ثم بين تعالى حال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قبل الوحي بقوله سبحانه : { ما كنت } أي : فيما قبل الأربعين التي مضت لك وأنت بين ظهراني قومك { تدري } أي : تعرف قبل الوحي إليك { ما الكتاب } أي : القرآن { ولا الإيمان } أي : تفصيل الشرايع على ما جددناه لك بما أوحيناه إليك وهو صلى الله عليه وسلم وإن كان قبل النبوة قد كان مقراً بوحدانية الله تعالى وعظمته ، فإنه كان يصلي ويحج ويعتمر ويبغض اللات والعزى ولا يأكل ما ذبح على النصب لكنه لم يكن يعلم الرسل على ما هم عليه ، ولا شك أن الشهادة له صلى الله عليه وسلم نفسه بالرسالة ركن الإيمان ولم يكن له علم بذلك وكذلك الملائكة ، فصح نفي المنفي لفواته بفوات جزئه وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة : الإيمان هنا الصلاة لقوله تعالى { وما كان الله ليضيع إيمانكم } ( البقرة : 143 ) أي : صلاتكم ، وقيل : هذا على حذف ومعناه : ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان حين كنت طفلاً في المهد ، وقيل : الإيمان عبارة عن الإقرار بجميع ما كلف الله تعالى به ، وقال بعضهم : صفات الله تعالى على قسمين : منها ما يمكن معرفته بمحض دلائل العقول ومنها : ما لا يمكن معرفته إلا بالدلائل السمعية فهذا القسم الثاني لم تكن معرفته حاصلة قبل النبوة .
تنبيه : ما ؛ الأولى نافية والثانية استفهامية والجملة الاستفهامية معلقة للدراية فهي في محل نصب لسدها مسد مفعولين والجملة المنفية بأسرها في محل نصب على الحال من الكاف في إليك ، وفي الآية دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبداً قبل النبوة بشرع وفي المسألة خلاف للعلماء فقيل : كان يتعبد على دين إبراهيم عليه السلام وقيل : غيره والضمير في قوله تعالى { ولكن جعلناه نوراً } يعود إما لروحاً وإما للكتاب وإما لهما وهو أولى لأنهما مقصود واحد فهو كقوله تعالى : { والله ورسوله أحق أن يُرضوه } ( التوبة : 62 ) وقال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني الإيمان وقال السدي : يعني القرآن { نهدي } على عظمتنا { به من نشاء } خاصة لا يقدر أحد على هدايته بغير مشيئتنا { من عبادنا } بخلق الهداية في قلبه بالتوفيق فهذه لا يقدر عليها أحد غير الله تعالى ، وأما الهداية بالتبيين والإرشاد فهي قوله تعالى : { وإنك } يا أفضل الخلق { لتهدي } أي : تبين وترشد وأكده لإنكارهم ذلك { إلى صراط } أي : طريق واضح جداً { مستقيم } أي : شديد التقوم وهو دين الإسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.