بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (52)

قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } يعني : جبريل بأمرنا . ويقال : أوحينا إليك روحاً ، يعني : القرآن . وقال القتبي : الروح روح الأجسام ، ويسمى كلام الله تعالى ، روحاً لأن فيه حياة من الجهل ، وموت الكفر كما قال : { رَفِيعُ الدرجات ذُو العرش يُلْقِى الروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التلاق } [ غافر : 15 ] ثم قال : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } . { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان } يعني : ما كنت تدري قبل الوحي ، أن تقرأ القرآن ، ولا تدري كيف تدعو الخلق إلى الإيمان .

{ ولكن جعلناه نُوراً } يعني : أنزلنا جبريل بالقرآن . ضياءً من العمى ، وبياناً من الضلالة . فإن قيل سبق ذكر الكتاب والإيمان ثم قال : { ولكن جعلناه نُوراً } ولم يقل جعلناهما ؟ قيل له : لأن المعنى هو الكتاب ، وهو دليل على الإيمان . ويقال لأن شأنهما واحد كقوله : { وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وآويناهما إلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } [ المؤمنون : 50 ] ولم يقل آيتين ويقال : { ولكن جعلناه نُوراً } يعني : الإيمان كناية عنه ، ولأنه أقرب .

{ نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا } يعني : نوفق من نشاء للهدى ، من كان أهلاً لذلك { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } يعني : لتدعو الخلق إلى دين الإسلام .