ولما بين الله كيفية أقسام الوحي إلى الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام قال : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } أي كما أوحينا إلى سائر رسلنا أوحينا إليك روحاً من أمرنا .
قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[49543]} نبوة . وقال الحسن ( رضي الله عنه ){[49544]} : رحمة وقال السدي ومقاتل : وحياً . وقال الكلبي : كتاباً ، وقال الربيع ، جبريل . وقال مالك بن دينار : يعني القرآن{[49545]} .
قوله : { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب } «ما » الأولى نافية والثانية استفهامية ، والجملة الاستفهامية معلقة للدِّراية{[49546]} ، فهي في محل نصب لسدها مفعولين ، والجملة المنفية بأسرها في محل نصب على الحال من لكاف في «إلَيْكَ »{[49547]} .
فصل{[49548]}
المعنى : وما كنت تدري قبل الوحي ما الكتاب ولا الإيمان يعني شرائع الإيمان ومعالمه . وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة : الإيمان هنا الصلاة لقوله تعالى : { وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } [ البقرة : 143 ] أي صلاتكم{[49549]} . وقيل : هذا على حذف{[49550]} مضاف أي ما كنت تدري ما الكتب ولا الإيمان{[49551]} حين كنت طفلاً في المهد .
وقيل الإيمان عبارة عن الإقرار بجميع ما كلف الله تعالى به وأنه قبل النبوة ما كان عارفاً بجميع تكاليف الله تعالى بل كان عارفاً بالله تعالى . وقال بعضهم : صفات الله تعالى على قسمين : منها ما يمكن معرفته بمحض دلائل العقول ومنها{[49552]} مالا يمكن معرفته إلا بالدلائل السمعية فهذا القسم الثاني لم يكن معرفته حاصلاً قبل النبوة . واعلم أن أهل الأصول على أن الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام كانوا مؤمنين من قبل الوحي ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم ولم يتبين له شرائع دينه{[49553]} .
قوله : «جَعَلْنَاهُ » الضمير يعود إما لروحاً وإما للكتاب ، وإما لهما ، لأنهما مقصد واحد ، فهو كقوله : { والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ }{[49554]} [ التوبة : 62 ] .
قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[49555]} يعني الإيمان : وقال السدي : يعني القرآن{[49556]} يهدي به من يشاء «نرشد به من نشاء » مِنْ عِبَادِنَا ، و«نهدي » يجوز أن يكون مستأنفاً وأن يكون مفعولاً مكرراً للفعل وأن يكون صفة لنوراً{[49557]} .
قوله : { وَإِنَّكَ لتهدي } قرأ ( شهر ) بن حوشب : لتهدي مبنياً للمفعول وابن السَّميقع : لتهدي بضم التاء وكسر الدال{[49558]} من : أهدى والمراد بالصراط المستقيم الإسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.