لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (52)

قوله عز وجل : { وكذلك } أي وكما أوحينا إلى سائر رسلنا { أوحينا إليك روحاً من أمرنا } قال ابن عباس : نبوة ، وقيل : قرآناً لأن به حياة الأرواح ، وقيل : رحمة وقيل جبريل { ما كنت تدري } أي قبل الوحي { ما الكتاب } يعني القرآن { ولا الإيمان } اختلف العلماء في هذه الآية مع اتفاقهم على أن الأنبياء قبل النبوة كانوا مؤمنين فقيل معناه ما كنت تدري قبل الوحي شرائع الإيمان ومعالمه .

وقال محمد بن إسحاق عن ابن خزيمة الإيمان في هذا الموضع الصلاة دليله { وما كان الله ليضيع إيمانكم } يعني صلاتكم ولم يرد به الإيمان الذي هو الإقرار بالله تعالى لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة يوحد الله تعالى ويحج ويعتمر ويبغض اللات والعزى ولا يأكل ما ذبح على النصب وكان يتعبد على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام ولم تتبين له شرائع دينه إلا بعد الوحي إليه { ولكن جعلناه نوراً } قال ابن عباس يعني الإيمان وقيل القرآن لأنه يهتدي به من الضلالة وهو قوله تعالى : { نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي } أي لتدعو { إلى صراط مستقيم } يعني إلى دين الإسلام .