معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

قوله تعالى : { قل من ينجيكم } ، قرأ يعقوب بالتخفيف ، وقرأ العامة بالتشديد .

قوله تعالى : { من ظلمات البر والبحر } ، أي : من شدائدهما وأهوالهما ، كانوا إذا سافروا في البر والبحر فضلوا الطريق ، وخافوا الهلاك ، دعوا الله مخلصين له الدين ، فينجيهم .

قوله تعالى : { تدعونه تضرعاً وخفيةً } ، أي : علانية وسراً ، قرأ أبو بكر عن عاصم { وخفيةً } بكسر الخاء هاهنا وفي الأعراف ، وقرأ الآخرون بضمها وهما لغتان .

قوله تعالى : { لئن أنجانا } ، أي : يقولون : لئن أنجيتنا ، وقرأ أهل الكوفة : لئن أنجانا ، أي أنجانا الله .

قوله تعالى : { من هذه } ، يعني : من هذه الظلمات .

قوله تعالى : { لنكونن من الشاكرين } ، والشكر : هو معرفة النعمة مع القيام بحقها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

أي { قُلْ } للمشركين بالله ، الداعين معه آلهة أخرى ، ملزما لهم بما أثبتوه من توحيد الربوبية ، على ما أنكروا من توحيد الإلهية { مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } أي : شدائدهما ومشقاتهما ، وحين يتعذر أو يتعسر عليكم وجه الحيلة ، فتدْعون ربكم تضرعا بقلب خاضع ، ولسان لا يزال يلهج بحاجته في الدعاء ، وتقولون وأنتم في تلك الحال : { لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ } الشدة التي وقعنا فيها { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } لله ، أي المعترفين بنعمته ، الواضعين لها في طاعة ربهم ، الذين حفظوها عن أن يبذلوها في معصيته .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

يقول تعالى ممتنا على عباده في إنجائه المضطرين منهم { مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } أي : الحائرين الواقعين في المهامه البرية ، وفي اللجج البحرية إذا هاجت الريح{[10755]} العاصفة ، فحينئذ يفردون الدعاء له وحده لا شريك له ، كما قال : { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ [ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنْسَانُ كَفُورًا ] }{[10756]} [ الإسراء : 67 ] وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }{[10757]} [ يونس : 22 ] وقال تعالى : { أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ النمل : 63 ] .

وقال في هذه الآية الكريمة : { قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } أي : جهرا وسرا { لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ } أي : من هذه الضائقة { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } أي : بعدها ،


[10755]:في د: "الرياح".
[10756]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
[10757]:في م، أ: "مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

{ قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر } من شدائدهما ، استعيرت الظلمة للشدة لمشاركتهم في الهول وإبطال الإبصار فقيل لليوم الشديد يوم مظلم ويوم ذو كواكب ، أو من الخسف في البر والغرق في البحر . وقرأ يعقوب { ينجيكم } بالتخفيف والمعنى واحد . { تدعونه تضرعا وخفية } معلنين ومسرين ، أو إعلانا وإسرارا وقرأ أبو بكر هنا وفي " الأعراف " { وخيفة } بالكسر وقرئ { خيفة } . { لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين } على إرادة القول أي تقولون لئن أنجيتنا . وقرأ الكوفيون " لئن أنجانا " ليوافق قوله { تدعونه } وهذه إشارة إلى الظلمة .