السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

{ قل } يا محمد لأهل مكة { من ينجيكم من ظلمات البرّ والبحر } أي : من الخسف في البر والغرق في البحر أو من شدائدهما استعيرت الظلمة للشدّة لمشاركتهما في الهول وإبطال الأبصار فقيل : لليوم الشديد يوم مظلم ولغيره يوم ذو كواكب ، وقيل : حمله على الحقيقة أولى وظلمات البر هي ما اجتمع فيه من ظلمة الليل وظلمة السحاب فيحصل من ذلك الخوف الشديد لعدم الاهتداء إلى الطريق الصواب وظلمات البحر ما اجتمع فيه من ظلمة الليل وظلمة السحاب وظلمة الرياح العاصفة والأمواج الهائلة فيحصل من ذلك أيضاً الخوف الشديد من الوقوع في المهالك والمقصود أنّ عند اجتماع هذه الأسباب الموجبة للخوف الشديد لا يرجع الإنسان فيها إلا إلى الله تعالى لأنه هو القادر على كشف الكروب وإزالة الشدائد وهو المراد من قوله : { تدعونه تضرّعاً } أي : علانية { وخفية } أي : سرّاً وقوله تعالى : { لئن } اللام لام القسم على إرادة القول أي : يقولون والله لئن { أنجيتنا من هذه } أي : الظلمات والشدائد { لنكونن من الشاكرين } لك على هذه النعمة ، والشكر : هو معرفة النعمة مع القيام بحقها لمن أنعم بها أي : فنكون من المؤمنين ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي : أنجانا ، بحذف التاء وألف بعد الجيم بدل الياء ليوافق قوله تعالى : { تدعونه } وأمالها حمزة والكسائي والباقون بالتاء بعد الياء .