فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

قيل : المراد بظلمات البرّ والبحر : شدائدهما . قال النحاس : والعرب تقول يوم مظلم إذا كان شديداً ، فإذا عظمت ذلك قالت : يوم ذو كوكب ، أي يحتاجون فيه لشدّة ظلمته إلى كوكب ، وأنشد سيبويه :

بني أسد هل تعلمون بلاءنا *** إذا كان يوم ذو كواكب أشنعا

والاستفهام للتقريع والتوبيخ ، أي من ينجيكم من شدائدهما العظيمة ؟ قرأ أبو بكر عن عاصم { خفية } بكسر الخاء . وقرأ الباقون بضمها ، وهما لغتان . وقرأ الأعمش { وَخِيفَةً } من الخوف . وجملة { تَدْعُونَهُ } في محل نصب على الحال ، أي من ينجيكم من ذلك حال دعائكم له دعاء تضرّع وخفية ، أو متضرّعين ومخفين . والمراد بالتضرّع هنا : دعاء الجهر . قوله : { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا } كذا قرأ أهل المدينة وأهل الشام . وقرأ الكوفيون { لَّئِنْ أنجانا } والجملة في محل نصب على تقدير القول : أي قائلين لئن أنجيتنا من هذه الشدّة التي نزلت بنا ، وهي الظلمات المذكورة { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين } لك على ما أنعمت به علينا من تخليصنا من هذه الشدائد .

/خ65