معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (16)

قوله تعالى : { قل لو شاء الله ما تلوته عليكم } ، يعني : لو شاء الله ما أنزل القرآن علي . { ولا أدراكم به } ، أي : ولا أعلمكم الله . قرأ البزي عن ابن كثير : { ولا أدراكم به } بالقصر به على الإيجاب ، يريد : ولا علمكم به من غير قراءتي عليكم . وقرأ ابن عباس : { لأنذركم به } من الإنذار . { فقد لبثت فيكم عمرا } ، حينا وهو أربعون سنة ، { من قبله } ، من قبل نزول القرآن ولم آتكم بشيء . { أفلا تعقلون } ، أنه ليس من قبلي ، ولبث النبي صلى الله عليه وسلم فيهم قبل الوحي أربعين سنة ثم أوحى الله إليه فأقام بمكة بعد الوحي ثلاث عشرة سنة ثم هاجر فأقام بالمدينة عشر سنين وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة . وروى أنس : أنه أقام بمكة بعد الوحي عشر سنين وبالمدينة عشر سنين ، وتوفي وهو ابن ستين سنة . والأول أشهر وأظهر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (16)

{ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا ْ } طويلا { مِنْ قَبْلِهِ ْ } أي : قبل تلاوته ، وقبل درايتكم به ، وأنا ما خطر على بالي ، ولا وقع في ظني .

{ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ْ } أني حيث لم أتقوله في مدة عمري ، ولا صدر مني ما يدل على ذلك ، فكيف أتقوله بعد ذلك ، وقد لبثت فيكم عمرا طويلا تعرفون حقيقة حالي ، بأني أمي لا أقرأ ولا أكتب ، ولا أدرس ولا أتعلم من أحد " ؟

فأتيتكم بكتاب عظيم أعجز الفصحاء ، وأعيا العلماء ، فهل يمكن -مع هذا- أن يكون من تلقاء نفسي ، أم هذا دليل قاطع أنه تنزيل من حكيم حميد ؟

فلو أعملتم أفكاركم وعقولكم ، وتدبرتم حالي وحال هذا الكتاب ، لجزمتم جزما لا يقبل الريب بصدقه ، وأنه الحق الذي ليس بعده إلا الضلال ، ولكن إذ  أبيتم{[394]} إلا التكذيب والعناد ، فأنتم لا شك أنكم ظالمون .


[394]:- في ب: إذا.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (16)

1

( قل : لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به . فقد لبثت فيكم عمرا من قبله . أفلا تعقلون ? ) .

إنه وحي من الله ، وتبليغه لكم أمر من الله كذلك . ولو شاء الله ألا أتلوه عليكم ما تلوته ، ولو شاء الله ألا يعلمكم به ما أعلمكم . فالأمر كله لله في نزول هذا القرآن وفي تبليغه للناس . قل لهم هذا . وقل لهم : إنك لبثت فيهم عمرا كاملا من قبل الرسالة . أربعين سنة . فلم تحدثهم بشيء من هذا القرآن . لأنك لم تكن تملكه . لم يكن قد أوحي إليك . ولو كان في استطاعتك عمل مثله أو أجزاء منه فما الذي أقعدك عمرا كاملا ?

ألا إنه الوحي الذي لا تملك من أمره شيئا إلا البلاغ . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (16)

{ قل لو شاء الله } غير ذلك . { ما تلوته عليكم ولا أدراكم به } ولا أعلمكم به على لساني ، وعن ابن كثير " ولأدراكم " بلام التأكيد أي لو شاء الله ما تلوته عليكم ولأعلمكم به على لسان غيري . والمعنى أنه الحق الذي لا محيص عنه لو لم أرسل به لأرسل به غيري . وقرئ " ولا أدرأكم " " ولا أدرأتكم " بالهمز فيهما على لغة من يقلب الألف المبدلة من الياء همزة ، أو على أنه من الدرء بمعنى الدفع أي ولا جعلتكم بتلاوته خصماء تدرؤنني بالجدال ، والمعنى أن الأمر بمشيئة الله تعالى لا بمشيئتي حتى أجعله على نحو ما تشتهونه ثم قرر ذلك بقوله : { فقد لبثت فيكم عمراً } مقدارا عمر أربعين سنة . { من قبله } من قبل القرآن لا أتلوه ولا أعلمه ، فإنه إشارة إلى أن القرآن معجز خارق للعادة فإن من عاش بين أظهرهم أربعين سنة لم يمارس فيها علما ولم يشاهد عالما ولم ينشئ قريضا ولا خطبة ، ثم قرأ عليهم كتابا بزت فصاحته فصاحة كل منطيق وعلا من كل منثور ومنظوم ، واحتوى على قواعد علمي الأصول والفروع وأعرب عن أقاصيص الأولين وأحاديث الآخرين على ما هي عليه علم أنه معلوم به من الله تعالى . { أفلا تعقلون } أي أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر فيه لتعلموا أنه ليس إلا من الله .