ولما تم{[37727]} ما دفع به مكرهم في طعنهم ، اتبعه بعذره{[37728]} صلى الله عليه وسلم في الإبلاغ على وجه يدل قطعاً على أنه كلام الله وما تلاه إلاّ بإذنه فيجتث طعنهم من أصله ويزيله بحذافيره فقال : { قل } أي لهم معلماً أنه سبحانه إما أن يشاء الفعل وإما أن يشاء عدمه وليست ثَمّ حالة سكوت أصلاً { لو شآء الله } أي الذي له العظمة كلها أن لا أتلوه عليكم { ما تلوته } أي تابعت قراءته{[37729]} { عليكم ولآ أدراكم } أي أعلمكم على وجه المعالجة هو سبحانه { به } على لساني ؛ ولما{[37730]} كان ذكر ذلك أتبعه السبب المعرف به فقال : { فقد لبثت فيكم عمراً } ولما كان عمره لم يستغرق زمان القبل قال : { من قبله } مقدار أربعين سنة بغير واحد من الأمرين لكون الله لم يشأ واحداً منهما إذ ذاك ، ثم أتيتكم{[37731]} بهذا الكتاب الأحكم المشتمل على حقائق علم الأصول ودقائق علم الفروع ولطائف علم الأخلاق وأسرار قصص الأولين في عبارة قد عجزتم - وأنتم أفصح الناس وأبلغهم - عن معارضة آية منها ، فوقع بذلك العلم القطعي الظاهر جداً أنه من عند الله فلذلك سبب عنه إنكار العقل فقال : { أفلا تعقلون } إشارة إلى أنه يكفي - في معرفة أن القرآن من عند الله وأن غيره عاجز عنه - كون الناظر في أمره وأمري من أهل العقل ، أي أفلا{[37732]} يكون لكم عقل فتعرفوا به حقيقة القرآن بما أرشدكم إليه في هذه الآية من هذا البرهان الظاهر والسلطان القاهر القائم على أنه ما يصح لي بوجه أن أبدله من قبل نفسي لأني مثلكم و{[37733]} قد عرفتم أنكم عاجزون عن ذلك مع التظاهر ، فأنا وحدي - مع كوني أمياً - أعجز ، و{[37734]} من أنه تعالى لو شاء ما بلغكم ، ومن أني مكثت فيكم قبل إتياني به زمناً{[37735]} طويلاً لا أتلو عليكم شيئاً ولا أدعي فيكم علماً ولا أتردد إلى عالم ؛ وتعرفوا أن قائل ما قلتم مكذب بآيات الله ، وفاعل ما طلبتم كاذب على الله ، وكل من ذلك أظلم الظلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.