قوله تعالى : { وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ } : أي : ولا أَعْلمكم الله به ، مِنْ دَرَيْتُ ، أي : علمتُ . ويقال : دَرَيْتُ بكذا وأَدْرَيْتك بكذا ، أي : أحطت به بطريق الدِّراية ، وكذلك في " علمت به " فَتَضَمَّن العلمُ معنى الإِحاطة فتعَدَّى تَعْدِيَتَها .
وقرأ ابنُ كثير بخلاف عن البزي " ولأَدْراكم " بلام داخلة على " أَدْراكم " مثبتاً . والمعنى : ولأُعْلِمَكم به من غير وساطتي : إمَّا بوساطة مَلَكٍ أو رسولٍ غيري من البشر ، ولكنه خَصَّني بهذه الفضيلة . وقراءةُ الجمهور " لا " فيها مؤكدةٌ ؛ لأنَّ المعطوفَ على المنفيّ منفيّ ، وليست " لا " هذه هي التي يُنْفَى بها الفعل ، لأنه لا يَصِحُّ نفيُ الفعل بها إذا وقع جواباً ، والمعطوفُ على الجواب جواب ، ولو قلت : " لو كان كذا لا كان كذا " لم يَجُزْ ، بل تقول : " ما كان كذا " . وقرأ ابن عباس والحسن وابن سيرين وأبو رجاء : { ولا أَدْرَأْتُكم به } بهمزةٍ ساكنةٍ بعد الراء . وفي هذه القراءةِ تخريجان ، أحدهما : أنها مُبْدَلةٌ من ألف ، والألف منقلبةٌ عن ياءٍ لانفتاحِ ما قبلها وهي لغةٌ لعُقَيْلٍ حكاها قطرب ، يقولون في أعطيتك : أعطأتك . وقال أبو حاتم : " قَلَبَ الحسنُ الياءَ ألفاً ، كما في لغة بني الحرث يقولون : عَلاَك وإلاك ، ثم هَمَزَ على لغة من قال في العالم : العَأْلَم ، وقيل : بل أُبْدلت الهمزة من نفس الياء نحو : " لَبَأْتُ بالحج " و " رثَأْت فلاناً " ، أي : لبَّيْتُ ورَثَيْتُ . والثاني : أن الهمزة أصلية وأن اشتقاقه مِنَ الدَّرْء وهو الدّفْع كقوله : { وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ } [ النور : 8 ] ، ويقال : أَدْرأته ، أي : جَعَلْته دارِئاً ، والمعنى : ولأَجْعَلَنَّكم بتلاوته خُصَماء تَدْرَؤُونني بالجدال . قال أبو البقاء : " وقيل : هو غلط " ، لأنَّ قارِئَها ظَنَّ أنها من الدَّرْءِ وهو الدَّفْعُ . وقيل : ليس بغلطٍ والمعنى : لو شاء اللَّه لدَفَعَكم عن الإِيمان به " .
وقرأ شهر بن حوشب والأعمش : " ولا أَنْذَرْتُكم " من الإِنذار ، وكذلك/ هي في حرف عبد الله .
والضمير في " قبله " عائد على القرآن . وقيل : على النزول . وقيل : على وقت النزول . و " عُمُراً " مشبهٌ بظرف الزمان فانتصبَ انتصابَه ، أي : مدة متطاولة . وقيل : هو على حَذْف مضاف ، أي : مقدار عُمُر . وقرأ الأعمش " عُمْراً " بسكون الميم كقولهم : " عَضْد " في " عَضُد " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.