سورة طه مكية وآياتها خمس وثلاثون ومائة وقيل أربع وثلاثون آية ومائة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أبو منصور السمعاني ، أنا أبو جعفر الرياني ، أنا حميد بن زنجويه ، أنا ابن أبي أويس ، حدثني أبي ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أعطيت السورة التي ذكرت فيها البقرة من الذكر الأول ، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى ، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي ذكرت فيها البقرة من تحت العرش ، وأعطيت المفصل نافلةً " .
قوله تعالى : { طه } قرأ أبو عمرو بفتح الطاء وكسر الهاء ، وبكسرهما حمزة و الكسائي و أبو بكر ، والباقون بفتحهما . قيل : هو قسم . وقيل : اسم من أسماء الله تعالى . وقال مجاهد ، و الحسن ، و عطاء ، و الضحاك معناه : يا رجل . وقال قتادة : هو يا رجل بالسريانية . وقال الكلبي : هو يا إنسان بلغة عكل . وقال مقاتل :معناه طأ الأرض بقدميك يريد في التهجد . وقال محمد بن كعب القرظي : هو قسم أقسم الله عز وجل بطوله وهدايته . قال سعيد بن جبير ( الطاء ) افتتاح اسمه الطاهر ، ( والهاء ) افتتاح اسمه هاد .
بِسمِ اللّهِ الرحمَن الرّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى : { طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىَ * إِلاّ تَذْكِرَةً لّمَن يَخْشَىَ } .
قال أبو جعفر محمد بن جرير : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : طَهَ فقال بعضهم : معناه يا رجل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو تميلة ، عن الحسن بن واقد ، عن يزيد النحويّ ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : طه : بالنّبَطية : يا رجل .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " طه ما أنْزَلْنا عَلَيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَى " فإن قومه قالوا : لقد شَقِي هذا الرجل بربه ، فأنزل الله تعالى ذكره طَهَ يعني : يا رجل ما أنْزَلْنا عَلَيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَى .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الله بن مسلم ، أو يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير أنه قال : طه : يا رجل بالسريانية .
قال ابن جريج : وأخبرني زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، بذلك أيضا . قال ابن جُرَيج ، وقال مجاهد ، ذلك أيضا .
حدثنا عمران بن موسى القزّاز ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : حدثنا عُمارة ، عن عكرمة ، في قوله : طَهَ قال : يا رجل ، كلمه بالنبطية .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبد الله ، عن عكرمة ، في قوله طَهَ قال : بالنبطية : يا إنسان .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن قرة بن خالد ، عن الضحاك ، في قوله طَه قال : يا رجل بالنبطية .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن حُصَين ، عن عكرمة في قوله طَهَ قال : يا رجل .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله طَهَ قال : يا رجل ، وهي بالسريانية .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرّزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة والحسن في قوله : طَهَ قالا : يا رجل .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : أخبرنا عبيد ، يعني ابن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله طَهَ قال : يا رجل .
وقال آخرون : هو اسم من أسماء الله ، وقَسَم أقسم الله به . ذكر من قال ذلك :
حدثنا عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : طَهَ قال : فإنه قسم أقسم الله به ، وهو اسم من أسماء الله .
وقال آخرون : هو حروف مقطّعة يدلّ كلّ حرف منها على معنى ، واختلفوا في ذلك اختلافهم في الم ، وقد ذكرنا ذلك في مواضعه ، وبيّنا ذلك بشواهده .
والذي هو أولى بالصواب عندي من الأقوال فيه : قول من قال : معناه : يا رجل ، لأنها كلمة معروفة في عكَ فيما بلغني ، وأن معناها فيهم : يا رجل ، أنشدت لمتمم بن نُويرة :
هَتَفْتُ بطَهَ فِي القِتالِ فَلَمْ يُجبْ *** فخِفْتُ عَلَيْهِ أنْ يَكونَ مُوَائِلا
إنّ السّفاهَةَ طَهَ مِنْ خَلائِقِكُمْ *** لا بارَكَ اللّهُ فِي القَوْمِ المَلاعِينِ
فإذا كان ذلك معروفا فيهم على ما ذكرنا ، فالواجب أن يوجه تأويله إلى المعروف فيهم من معناه ، ولا سيما إذا وافق ذلك تأويل أهل العلم من الصحابة والتابعين .
سورة طه هذه السورة مكية{[1]} .
اختلف الناس في قوله { طه } بحسب اختلافهم في كل الحروف المتقدمة في أوائل السور إلا قول من قال هناك : إن الحروف إشارة إلى حروف المعجم كما تقول أ . ب . ج . د . فإنه لا يترتب هنا لأن ما بعد { طه } من الكلام لا يصح أن يكون خبراً عن { طه } واختصت أيضاً { طه } بأقوال لا تترتب في أوائل السور المذكورة ، فمنها قول من قال { طه } اسم من أسماء محمد عليه السلام ، وقوله من { طه } معناه «يا رجل بالسريانية » وقيل بغيرها من لغات العجم ، وحكي أنها لغة يمنية في عك{[8073]} وأنشد الطبري : [ الطويل ]
دعوت بطه في القتال فلم يجب . . . فخفت عليه أن يكون موائلاً{[8074]}
ويروى مزايلاً وقال الآخر : [ البسيط ]
إن السفاهة طه من خلائقكم . . . لا بارك الله في القوم الملاعين{[8075]}
وقالت فرقة : سبب نزول الآية إنما هو ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحمله من مشقة الصلاة حتى كانت قدماه تتورم ويحتاج إلى الترويح{[8076]} بين قدميه فقيل له : طأ الأرض أي لا تتعب حتى تحتاج إلى الترويح{[8077]} ، فالضمير في { طه } للأرض وخففت الهمزة فصارت ألفاً ساكنة ، وقرأت «طه » وأصله :طأ فحذفت الهمزة وأدخلت هاء السكت ، وقرأ ابن كثير وابن عامر «طَهَ » بفتح الطاء والهاء وروي ذلك عن قالون عن نافع ، وروي يعقوب عنه كسرهما ، وروي عنه بين الكسر والفتح ، وأمالت فرقة ، والتفخيم لغة الحجاز والنبي عليه السلام ، وقرأ عاصم{[8078]} وحمزة والكسائي بكسر الطاء والهاء ، وقرأ أبو عمر و «طَهِ » بفتح الطاء وكسر الهاء ، وقرأت فرقة «طَهْ » بفتح الطاء وسكون الهاء ، وقد تقدمت ، وروي عن الضحاك وعمرو بن فائد أنهما قرآ «طاوي » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.