أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{ٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَيۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ} (8)

ثم أردف ذلك بما يدل على كمال علمه وقدرته وشمول قضائه وقدره ، تنبيها على أنه تعالى قادر على إنزال ما اقترحوه وإنما لم ينزل لعلمه بأن اقتراحهم للعناد دون الاسترشاد ، وأنه قادر على هدايتهم وإنما لم يهدهم لسبق قضائه بالكفر فقال : { الله يعلم ما تحمل كل أنثى } أي حملها أو ما تحمله على أي حال هو من الأحوال الحاضرة والمترقبة . { وما تغيض الأرحام وما تزداد } وما تنقصه وما تزداده في الجنة والمدة والعدد ، وأقصى مدة الحمل أربع سنين عندنا وخمس عند مالك وسنتان عند أبي حنيفة . روي أن الضحاك ولد لسنتين وهرم بن حيان لأربع سنين وأعلى عدده لا حد له . وقيل نهاية ما عرف به أربعة وإليه ذهب أبو حنيفة رضي الله عنه ، وقال الشافعي رحمه الله أخبرني شيخ باليمن أن امرأته ولدت بطونا في كل بطن خمسة . وقيل المراد نقصان دم الحيض وازدياده ، وغاض جاء متعديا ولازما وكذا ازداد قال تعالى : { وازدادوا تسعا } فإن جعلتهما لازمين تعين إما أن تكون مصدرية . وإسنادهم إلى الأرحام على المجاز فإنهما لله تعالى أو لما فيها . { وكل شيء عنده بمقدار } بقدر لا يجاوزه ولا ينقص عنه كقوله تعالى : { إنا كل شيء خلقناه بقدر } فإنه تعالى خص كل حادث بوقت وحال معينين ، وهيأ له أسبابا مسوفة إليه تقتضي ذلك . وقرأ ابن كثير { هادٍ } { ووالٍ } و{ وواق } { وما عند الله باقٍ } بالتنوين في الوصل فإذا وقف وقف بالياء في هذه الأحرف الأربعة حيث وقعت لا غير ، والباقون يصلون ويقفون بغير ياء .