السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَيۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ} (8)

ولما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات أخبرهم الله تعالى عن عظيم قدرته وكمال علمه بقوله تعالى : { الله يعلم ما تحمل كل أنثى } من ذكر وغيره وواحد ومتعدّد وغير ذلك { وما تغيض } ، أي : تنقص { الأرحام } من مدّة الحمل { وما تزداد } ، أي : من مدّة الحمل فقد تكون سبعة أشهر وأزيد عليها إلى سنتين عند الإمام أبي حنيفة ، وإلى أربع عند الإمام الشافعي ، وإلى خمس عند الإمام مالك رضي الله تعالى عنهم .

وقيل : إنّ الضحاك ولد لسنتين وهرم بن حيان بقي في بطن أمّه أربع سنين ، ولذلك سمي هرماً . وقيل : ما تنقصه الرحم من الأولاد وتزيده منهم . يروى أنّ شريكاً كان رابع أربعة في بطن أمّه . وقيل : من نقصان الولد فيخرج ناقصاً والزيادة تمام خلقه . وقيل : ما تنقص بالسقط عن أن يتم وما يزداد بالتمام . وقيل : ما تنقص بظهور دم الحيض ، وذلك أنه إذا سال الدم في وقت الحمل ضعف الولد ونقص بمقدار حصول ذلك . قال ابن عباس : كلما سال الحيض في وقت الحمل يوماً زاد في مدّة الحمل يوماً ليحصل الجبر ويعتدل الأمر والآية تحتمل جميع ذلك إذ لا تنافي في هذه الأقوال . ويدل لذلك قوله تعالى : { وكل شيء } من هذا وغيره من الآيات المقترحات وغيرها { عنده } ، أي : في علمه وقدرته { بمقدار } في كيفيته وكميته لا يجاوزه ولا يقصر عنه لأنه تعالى عالم بكيفية كل شيء وكميته على الوجه المفصل المبين .

تنبيه : قوله تعالى : { عنده } يجوز أن يكون مجرور المحل صفة لشيء أو مرفوعه صفة لكل أو منصوبه ظرفاً لقوله : { بمقدار } أو ظرفاً للاستقرار الذي تعلق به الجار لوقوعه خبراً .