الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَيۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ} (8)

أخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - { الله يعلم ما تحمل كل أنثى } قال : يعلم ذكر هو أو أنثى { وما تغيض الأرحام } قال : هي المرأة ترى الدم في حملها .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { وما تغيض الأرحام } قال : خروج الدم { وما تزداد } قال : استمساكه .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { وما تغيض الأرحام } قال : أن ترى الدم في حملها { وما تزداد } قال : في التسعة أشهر .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك - رضي الله عنه - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { وما تغيض الأرحام وما تزداد } قال : ما تزداد على التسعة ، وما تنقص من التسعة . قال الضحاك - رضي الله عنه - وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين ، وولدتني قد خرجت ثنيتي .

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { وما تغيض الأرحام } قال : ما دون تسعة أشهر ، وما تزداد فوق التسعة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام } يعني السقط { وما تزداد } يقول : ما زادت في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماما ، وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر ، ومنهن من تحمل تسعة أشهر ، ومنهن من تزيد في الحمل ، ومنهن من تنقص . فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله تعالى ، وكل ذلك بعلمه تعالى .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن الضحاك - رضي الله عنه - قال : ما دون التسعة أشهر فهو غيض ، وما فوقها فهو زيادة .

وأخرج ابن جرير عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : لا يكون الحمل أكثر من سنتين ، قدر ما يتحول فلكة مغزل .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : ما غاضت الرحم بالدم يوما ، إلا زاد في الحمل يوما حتى تستكمل تسعة أشهر طاهرا .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله { وما تغيض الأرحام } قال : السقط .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في الآية قال : إذا رأت الدم ، هش الولد . وإذا لم تر الدم ، عظم الولد .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مكحول - رضي الله عنه - قال : الجنين في بطن أمه لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم ، وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضتها ، فمن ثم لا تحيض الحامل ، فإذا وقع إلى الأرض استهل . واستهلاله استنكار لمكانه ، فإذا قطعت سرته حول الله رزقه إلى ثدي أمه ، حتى لا يطلب ولا يغتم ولا يحزن ، ثم يصير طفلا يتناول الشيء بكفه فيأكله ، فإذا بلغ قال : أنى لي بالرزق ، يا ويحك ، غذاك وأنت في بطن أمك وأنت طفل صغير ، حتى إذا اشتددت وعقلت قلت : أنى لي بالرزق ؟ ! ثم قرأ مكحول - رضي الله عنه - { يعلم ما تحمل كل أنثى . . . } الآية .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله { وكل شيء عنده بمقدار } أي بأجل ، حفظ أرزاق خلقه وآجالهم ، وجعل لذلك أجلا معلوما .