{ اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ( 8 ) }
وجملة { اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى } مستأنفة مسوقة لبيان إحاطته سبحانه بالعلم وعلمه بالغيب الذي هذه الأمور منه . وقيل الاسم الشريف خبر ، أي لكل قوم هاد هو الله ، وجملة { يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى } تفسير لهاد ، وهذا بعيد جدا ، والعلم هنا متعد لواحد بمعنى العرفان وما موصولة ، أي يعلم الذي تحمله كل أنثى في بطنها من علقة أو مضغة أو ذكر أو أنثى أو صبيح أو قبيح أو سعيد أو شقي أو طويل أو قصير ، أو تام أو ناقص ، أو استفهامية ، أي يعلم أي شيء في بطنها وعلى أي حال هو ؛ أو مصدرية ، أي يعلم حملها .
{ وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } وما في الموضعين محتملة للأوجه المتقدمة وغاض وازداد سمع تعدبهما ولزومهما ولك أن تدعي حذف العائد على القول بتعديهما وأن تجعل ما مصدرية على القول بلزومهما ، والغيض النقص وعليه أكثر المفسرين أي يعلم الذي تغيضه الأرحام أي تنقصه ، ويعلم ما تزداده لا يخفى عليه شيء من ذلك ولا من أوقاته وأحواله فقيل المراد نقص خلقة الحمل وزيادته كنقص أصبع أو زيادتها .
وقيل أن المراد نقص مدة الحمل عن تسعة أشهر أو زيادتها ، وقيل إذا حاضت المرأة في حال حملها كان ذلك نقصا في ولدها ، قاله ابن عباس وإذا لم تحض يزداد الولد وينمو فالنقصان نقصان خلقة الولد بخروج الدم والزيادة تمام خلقه باستمساك الدم ، وقال سعيد بن جبير : الغيض ما تنقصه الأرحام من الدم ، والزيادة ما تزداده منه ، وقال الضحاك : ما تغيض السقط وما تزداد ، ما زادت في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماما ؛ وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر ، ومنهن من تحمل تسعة أشهر ومنهن من تنقص ، فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله وكل ذلك يعلمه الله .
وقال مجاهد : الغيض خروج الدم ؛ والزيادة استمساكه ؛ ومدة الحمل أكثرها عند قوم سنتان ، وبه قالت عائشة وأبو حنيفة ، وقيل إن الضحاك ولد لسنتين ، وقيل أكثرها أربع سنين ، وإليه ذهب الشافعي وقيل خمس سنين ، وبه قال مالك وأقلها ستة أشهر ، وقد يولد لهذه المدة ويعيش .
{ وَكُلُّ شَيْءٍ } من الأشياء التي من جملتها الأشياء المذكورة { عِندَهُ } سبحانه { بِمِقْدَارٍ } هو القدر الذي قدره الله وهو معنى قوله سبحانه : { إنا كل شيء خلقناه بقدر } أي كل الأشياء عند الله سبحانه جارية على قدره الذي قد سبق وفرغ منه لا يخرج عن ذلك شيء ، وهذا مذهب السلف ، وقال الكرخي : هذه عندية علم ، أي يعلم كيفية كل شيء وكميته على الوجه المفصل المبين .
ويحتمل أن يكون المراد بالعندية أنه تعالى خصص كل حادث بوقت معين وحالة معينة بمشيئته الأزلية وإرادته السرمدية ، ويدخل في هذه الآية أفعال العباد وأحوالهم وخواطرهم وهي من أدل الدلائل على بطلان قول المعتزلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.