أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥٓ أَضۡعَافٗا كَثِيرَةٗۚ وَٱللَّهُ يَقۡبِضُ وَيَبۡصُۜطُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (245)

{ من ذا الذي يقرض الله } { من } استفهامية مرفوعة الموضع بالابتداء ، و{ إذا } خبره ، و{ الذي } صفة ذا أو بدله ، وإقراض الله سبحانه وتعالى مثل لتقديم العمل الذي به يطلب ثوابه . { قرضا حسنا } إقراضا حسنا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا . وقيل : القرض الحسن بالمجاهدة والإنفاق في سبيل الله { فيضاعفه له } فيضاعف جزاءه ، أخرجه على صورة المغالبة للمبالغة ، وقرأ عاصم بالنصب على جواب الاستفهام حملا على المعنى ، فإن { من ذا الذي يقرض الله } في معنى أيقرض الله أحد .

وقرأ ابن كثير { فيضعفه } بالرفع والتشديد وابن عامر ويعقوب بالنصب . { أضعافا كثيرة } كثرة لا يقدرها إلا الله سبحانه وتعالى . وقيل الواحد بسبعمائة ، و " أضعافا " جمع ضعف ونصبه على الحال من الضمير المنصوب ، أو المفعول الثاني لتضمن المضاعفة معنى التصيير أو المصدر على أن الضعف اسم مصدر وجمعه للتنويع . { والله يقبض ويبسط } يقتر على بعض ويوسع على بعض حسب ما اقتضت حكمته ، فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم كيلا يبدل حالكم . وقرأ نافع والكسائي والبزي وأبو بكر بالصاد ومثله في الأعراف في قوله تعالى : { وزادكم في الخلق بسطة } { وإليه ترجعون } فيجازيكم على حسب ما قدمتم .